كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
القبر».
واحتجُّوا بما رواه علي بن معبد (¬١) عن عائشة أنَّه مُرَّ عليها بجنازة صبيٍّ صغير، فبكت، فقيل لها: ما يُبكيك يا أمَّ المؤمنين؟ فقالت: هذا (¬٢) الصبي بكيتُ له شفقةً عليه من ضَمَّة القبر.
واحتجوا بما رواه هنَّاد بن السَّريّ (¬٣)، ثنا أبو معاوية عن يحيى بن سعيد، عن سعيد (¬٤) بن المسيّب، عن أبي هريرة قال: إن كان لَيُصلِّي على المنفُوسِ، ما إن عمل خطيئةً قطُّ، فيقول: اللهم أَجِرْه من عذاب القبر.
قالوا: والله سبحانه يُكمِل لهم عقولهم ليعرفوا بذلك منزلتهم، ويُلهَمون (¬٥) الجوابَ عما يُسألون عنه.
قالوا: وقد دلَّ على ذلك الأحاديث الكثيرة التي فيها أنهم يُمتحنون في الآخرة. وحكاه الأشعريُّ عن أهل السنّة والحديث (¬٦)، فإذا امتُحِنوا في
---------------
(¬١) في كتاب الطاعة والمعصية. وقد سبق.
(¬٢) ساقط من (ط).
(¬٣) في كتاب الزهد (٣٥١).
(¬٤) «عن سعيد» ساقط من (ط، ن).
(¬٥) (ق): «ويكتمون»، تحريف.
(¬٦) يعني امتحانهم في الآخرة. ومثله في طريق الهجرتين (٨٧٣) ومجموع الفتاوى (٤/ ٢٧٨): «وهو الذي ذكره أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة واختاره». وانظر: الفتاوى (٤/ ٢٨١، ٣٠٣) وجامع المسائل (٣/ ٢٣٨).
ونصّ ما ذكره الأشعري في المقالات (٢٩٦) من قول أصحاب الحديث وأهل السُّنة: «أن الأطفال أمرهم إلى الله؛ إن شاء عذّبهم، وإن شاء فعل بهم ما أراد». وفي الإبانة (١٩٤) نقل حديثًا يدلّ على امتحان الأطفال في الآخرة.