كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
تذهب في الأرض حيث شاءت (¬١).
وقالت طائفة: أرواح المؤمنين عن يمين آدم، وأرواح الكفار عن شماله.
وقالت طائفة أخرى منهم ابن حزم (¬٢): مستقرُّها حيث كانت قبل خلق أجسادها.
قال (¬٣): والذي نقول به (¬٤) في مستقَرِّ الأرواح هو ما قاله الله عز وجل ونبيُّه - صلى الله عليه وسلم -، لا نتعداه. فهو البرهان الواضحُ، وهو أنَّ الله عزَّ وجلَّ قال: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ (¬٥) وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: ١٧٢]. وقال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} [الأعراف: ١١]، فصحَّ أنَّ الله تعالى خلق الأرواح جملةً. وكذلك أخبر - صلى الله عليه وسلم -: «أنّ الأرواح جنودٌ مجنَّدةٌ، فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف» (¬٦). وأخذ الله عهدها وشهادتها له (¬٧) بالربوبية، وهي
---------------
(¬١) صفة الصفوة (١/ ٥٥٥).
(¬٢) (ن): «أبو محمد ابن حزم».
(¬٣) في الفِصَل (٢/ ٣٢١ ــ ٣٢٢).
(¬٤) (ن): «نعوِّل عليه، ونقول به».
(¬٥) كذا في جميع النسخ على قراءة أبي عمرو من السبعة. ولم يثبت ناسخ (ن) الآية كاملة.
(¬٦) أخرجه البخاري من حديث عائشة (٣٣٣٦)، ومسلم من حديث أبي هريرة (٢٦٣٨).
(¬٧) «له» ساقط من (ن). وفي (ط): «وأخذ شهادتها له». وفي (ب، ج): «وأخذ الله شهادتها له».