كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
كرامةٍ أكرَمْتُكموها؟ فيقولون: لا، غير أنا وددنا أنَّك أعدْتَ أرواحنا في أجسادنا حتَّى نقاتلَ مرةً أخرى، فنُقتَل في سبيلك». رواه عن هنَّاد، عن إسماعيل بن المختار، عن عطيَّة، عنه (¬١).
ثم ساق حديث ابنِ عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لمَّا أصيب إخوانكم ــ يعني يومَ أحد ــ جعل الله أرواحَهم في أجواف طير خُضْرٍ تَرِدُ أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديلَ من ذهبٍ مذلَّلةٍ (¬٢) في ظلّ العرش. فلما وجدوا طيبَ مأكلهم ومشربهم ومقيلهم قالوا: من يبلِّغ إخواننا أنَّا أحياءٌ (¬٣) في الجنة نُرزَق لئلا ينكُلوا عن الحرب، ولا يزهَدوا في الجهاد؟ قال: فقال الله تعالى: أنا أبلِّغهم عنكم، فأنزل الله تعالى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩]» (¬٤).
والحديث في مسند أحمد، وسُنن أبي داود (¬٥).
---------------
(¬١) أخرجه هنّاد بن السري في الزهد (١٥٦). ومن طريقه أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره (١٤١١). وإسناده ضعيف، فيه علتان: عطية وهو ابن سعد العوفي سيئ الحفظ وهو مدلس وقد عنعن، وشيخ هنّاد إسماعيل بن المختار لا يُعرف، وقال البخاري في التاريخ الكبير (١/ ٣٧٤): «عن عطية، سمع منه هنَّاد بن السري فيه نظر لم يصح حديثه». وانظر: لسان الميزان (١/ ٤٣٨). (قالمي)
(¬٢) في (أ، غ): «مدلية»، ولعل صوابها: «مدلّاة». وفي غيرهما: «مدللة» وصوابها ما أثبتنا ــ وكذا في التمهيد ــ من ذُلِّل الكرْمُ: دُلِّيت عناقيده. قال تعالى: {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا} [الإنسان: ١٤].
(¬٣) «أحياء» ساقط من (أ، غ).
(¬٤) «وأما الآثار ... يرزقون» ساقط من (ن).
(¬٥) المسند (٤/ ٢١٨)، أبو داود (٢٥٢٠). وقد سبق في المسألة الخامسة (ص ١١٢).