كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
فهكذا شأن الأرواح عند النوم (¬١). وأما بعد المفارقة فإنها تُعَذَّب بتلك الاعتقادات والشُّبه الباطلة التي كانت حظَّها (¬٢) حال اتصالها بالبدن. وينضافُ إلى ذلك عذابها بتلك الإرادات والشهوات التي حيل بينها (¬٣) وبينها. وينضاف إلى ذلك (¬٤) عذابٌ آخر يُنشئه الله لها ولبدنها من الأعمال التي اشتركت معه فيها. وهذه هي المعيشةُ الضَّنْك [٦٧ أ] في البرزخ، والزاد الذي تزودته (¬٥) إليه.
والروحُ الزكية العُلْوية المحِقَّة التي لا تُحبُّ الباطلَ ولا تألفه بضدِّ ذلك كلِّه. تَنعَّمُ بتلك الاعتقادات الصحيحة والعلوم والمعارف التي تلقّتها (¬٦) من مشكاة النبوة، وتلك الإرادات والهمم الزَّكية. وينشئُ الله لها من أعمالها نعيمًا يُنعِّمها (¬٧) به في البرزخ، فتصيرُ (¬٨) لها روضةً من رياض الجنة؛ وكذلك (¬٩) حفرة من حفر النار.
---------------
(¬١) ما عدا (أ، ق، غ): «في النوم». وفي طرّة (ط) ذكر ما أثبتنا من غيرها.
(¬٢) (ن): «جَنَتْها».
(¬٣) (ط): «بينه» وسقط من (ق) «بينها» الثانية.
(¬٤) (ط): «ويضاف إلى ذلك». وقد سقط من (ب): «عذابها ... ذلك».
(¬٥) (أ، ج، غ): «يزود به». (ب): «تزود به». (ق): «تردد به». والصواب المثبت من (ط، ن) و «إليه» بعده ساقط من (ن).
(¬٦) (أ، غ): «تلقيها»، تصحيف. وفي (ن): «بُلِّغَتْها»، هكذا مضبوطًا.
(¬٧) (ب، ط): «تتنعّم». (ج): «يتنعّم». (ن): «تَنَعَّمُ».
(¬٨) (ق): «تصير» يعني الأعمال. وفي (ب، ط، ن، غ): «يصير» يعني البرزخ. وفي الأصل بالتاء والياء جميعًا.
(¬٩) كذا في جميع النسخ. يعني: وكذلك ينشئ الله من أعمال الروح السفلية المبطلة عذابًا يعذِبها به في البرزخ، فتصير لها حفرة من حفر النار. وفي النسخ المطبوعة التي بين يديّ: «ولتلك».