كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

قال: أتتك كتابي، فاستخفَفْت بها. فقيل له: أتؤنِّثُ الكتاب؟ قال: أوَليس صحيفةً؟ (¬١) وكذلك النسمة [روحٌ]، فتُذكَّر (¬٢) لذلك.
قال: وأما الزيادة التي فيها أنها في حواصِل طيرٍ خُضْرٍ، فإنَّها صفة تلك القناديل التي تأوي إليها. والحديثان معًا حديث واحد (¬٣).
وهذا الذي قاله في غاية الفساد لفظًا ومعنًى، فإنَّ حديث: «نسَمةُ المؤمن طائرٌ يعلُق في شجر الجنة» غير حديث: «أرواحُ الشهداء في حواصلِ طيرٍ خُضْرٍ». والذي ذكره محتمل في الحديث الأول.
وأما الحديث الثاني، فلا يَحتملُه (¬٤) بوجه. فإنه - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنَّ أرواحَهم في حواصل طير (¬٥)، وفي لفظ (¬٦): «في أجواف طير خُضر». وفي لفظ: «بِيض» (¬٧)،
---------------
(¬١) حكاه الأصمعي عن أبي عمرو قال: سمعت رجلاً من اليمن يقول: فلان لغوب، جاءته كتابي، فاحتقرها، فقلت له: أتقول: جاءته كتابي! قال: نعم، أليس بصحيفة؟ انظر: الخصائص لابن جني (١/ ٢٤٩)، ولسان العرب (لغب) (١/ ٧٤٢).
(¬٢) كذا بالفاء في كتاب الفصَل. وما بين المعقوفين زدناه منه، لأن السياق يقتضيه.

وفي (أ، ق، ن، غ): «تذكر لذلك». وفي (ب): «ولذلك». وفي (ط): «تؤنث وتذكر وكذلك».
(¬٣) كتاب الفصَل (٢/ ٢١٧).
(¬٤) (ب، ط، ج): «ما لا يحتمله»، تحريف.
(¬٥) (ق، ن): «طير خضر».
(¬٦) (ب، ط، ج): «لفظ آخر».
(¬٧) عزاه ابن رجب في أهوال القبور (ص ١٨٥) لأبي الشيخ الأصبهاني من طريق عبد الله بن ميمون، عن عمّه مصعب بن سُليم، عن أنس بن مالك، مرفوعًا بلفظ: «يبعث الله الشهداء من حواصل طير بيض كانوا في قناديل معلقة بالعرش». وعبد الله بن ميمون ذكره المزي في تهذيب الكمال (٢٨/ ٢٧) في الرواة عن مصعب بن سُليم ووصفه بصاحب الطيالسة، ولم أظفر له بترجمة. (قالمي)

الصفحة 339