كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
[٧٥ ب] ولدٍ صالحٍ يدعو له». فاستثناء هذه الثلاثِ من عمله يدلُّ على أنها منه، فإنه هو الذي تسبَّب إليها.
وفي سنن ابن ماجه (¬١)
من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ ممَّا (¬٢) يلحقُ المؤمنَ من عمله وحسناته بعد موته علمًا علَّمه ونَشَره، أو ولدًا صالحًا ترَكه، أو مصحفًا ورَّثه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهرًا أكْراه (¬٣)، أو صدقةً أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقُه من بعد موته».
---------------
(¬١) برقم (٢٤٢)، وأخرجه ابن خزيمة (٢٢٩٣)، والبيهقي في شعب الإيمان (٣٤٤٨). وفي سنده مرزوق بن أبي الهذيل الدمشقي تفرد به عن الزهري، وقد ضُعِّف فيه، قال ابن حبان في المجروحين (٣/ ٣٨): «ينفرد عن الزهري بالمناكير التي لا أصول لها من حديث الزهري، كان الغالب عليه سوء الحفظ فكثر وهمه، فهو فيما انفرد من الأخبار ساقط الاحتجاج به، وفيما وافق الثقات حجة إن شاء الله».
وروي من حديث أنس أخرجه البزار في مسنده (٧٢٨٩)، وابن أبي داود في كتاب المصاحف (٨١٥)، والبيهقي في شعب الإيمان (٣٤٤٩) وفي سنده محمد بن عبيد الله بن أبي سليمان العَرْزَمِيّ وهو متروك كما في التقريب.
ويغني عنهما حديث أبي هريرة في صحيح مسلم السابق؛ وفيه: «صدقة جارية» وهذا يعم كل وقف وصدقة تبقى منفعتها كبناء المساجد وحفر الآبار وبناء الدور للأيتام والمساكين وغير ذلك من أعمال البر ووجوه الصدقات الجارية؛ ولذا قال البيهقي عقب الحديثين المذكورين: «وهما لا يخالفان الحديث الصحيح فقد قال فيه إلا من صدقة جارية وهي تجمع ما قد جاء به من الزيادة». (قالمي).
(¬٢) في جميع النسخ: «إنما»، وصححه بعضهم في طرّة الأصل.
(¬٣) كذا «أكراه» في جميع النسخ. وفي سنن ابن ماجه: «أجراه». وفي صحيح ابن خزيمة: «كراه» أي حفره. ولم أصب في كتب اللغة «أكرى» بمعنى حفر. ولا يبعد أن يكون «أكراه» تصحيف «أجراه» وانظر ما يأتي في (ص ٣٦٨).
الصفحة 354
884