كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
الأول كِفْلٌ من دمها؛ لأنه أولُ من سنَّ القتلَ» (¬١). فإذا كان هذا في العدل (¬٢) والعقاب، ففي الفضل والثواب أولى وأحرى.
فصل
والدليل على انتفاعه بغير ما تسبَّب فيه: القرآنُ، والسُّنَّة، والإجماعُ، وقواعد الشرع.
أما القرآن، فقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ [٧٦ أ] رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} [الحشر: ١٠]، فأثنى الله سبحانه عليهم باستغفارهم للمؤمنين قبلَهم، فدلَّ (¬٣) على انتفاعهم باستغفار الأحياء.
وقد يمكن أن يقال: إنَّما انتفعوا باستغفارهم لأنهم سَنُّوا لهم الإيمان بسبقهم إليه، فلما اتَّبعوهم فيه كانوا كالمتسبِّبين (¬٤) في حصوله لهم. لكن قد دلَّ على انتفاع الميِّت بالدعاء إجماعُ الأمة على الدعاء له في صلاة الجنازة.
وفي «السنن» (¬٥) من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا صلَّيتم على الميت فأخلِصُوا له الدعاء».
---------------
(¬١) من حديث عبد الله بن مسعود. أخرجه البخاري (٣٣٣٥)، ومسلم (١٦٧٧).
(¬٢) في (غ) والنسخ المطبوعة: «العذاب» وهو تحريف.
(¬٣) (ب، ط): «فيدلّ».
(¬٤) (ق، غ): «كالمستنين». تصحيف. وفي الأصل: «كالمسببين» ولعله مغيّر.
(¬٥) أخرجه أبو داود (٣١٩٩) وابن ماجه (١٤٩٧) وابن حبان (٣٠٧٧) وإسناده حسن لأجل ابن إسحاق، وقد صرّح بالتحديث عند ابن حبان. (قالمي)
الصفحة 356
884