كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

إن قيل: فتعرفُ الرجل الذي جاء بهذا الحديث يغلَطُ (¬١) عن ابن عباس؟ قيل: نعم روى أصحاب ابن عباس عن ابن عباس أنَّه قال لابن الزبير: إنَّ الزبير حلَّ من متعة الحج، فروى هذا عن ابن عباس أنَّها متعةُ النساء، وهذا غلطٌ فاحش (¬٢).
فهذا الجواب عن فعل الصوم، وأما فعلُ الحج فإنَّما يصل (¬٣) منه ثواب الإنفاق. [٨٠ أ] وأما أفعالُ المناسك فهي كأفعال الصلاة، إنما تقع عن فاعلها.
قال أصحاب الوصول: ليس في شيء مما (¬٤) ذكرتم ما يعارِض أدلَّة الكتابِ والسُّنَّة، واتفاقَ سلفِ الأمة، ومُقتضَى (¬٥) قواعد الشرع. ونحن نجيب عن كلِّ ما ذكرتموه بالعدل والإنصاف.
أما قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩]، فقد اختلفت طرق الناس في المراد بالآية. فقالت طائفة: الإنسان هاهنا: الكافر. وأما المؤمن، فله ما سَعَى وما سُعِي له، بالأدلَّة التي ذكرناها (¬٦). قالوا: وغاية ما في هذا: التخصيص، وهو جائز إذا دلَّ عليه الدليل.
---------------
(¬١) في جمع النسخ: «فغلط» وصوابه المناسب للسياق ما أثبتنا من مصدر النص.
(¬٢) كتاب اختلاف الحديث للشافعي في ذيل كتاب الأم (٢/ ١١٥ ــ ١١٦). وانظر: معرفة السنن والآثار للبيهقي (٦/ ٣٠٧)، والمجموع شرح المهذب (٦/ ٤١٦).
(¬٣) (أ، ق، غ): «يتصل».
(¬٤) (ب، ط، ج): «ليس فيما».
(¬٥) «مقتضى» ساقط من (ن).
(¬٦) انظر: تفسير القرطبي (٢٠/ ٥٥) والتذكرة له (١/ ٢٨٩). وقد نقل هذا التأويل عن الربيع بن أنس.

الصفحة 374