كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
وهذا الجواب ضعيف جدًّا، ومثل هذا العامِّ لا يراد به الكافر وحده، بل هو للمسلم والكافر. وهو كالعامِّ الذي قبله وهو قوله: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: ٣٨].
والسياق كلُّه (¬١) من أوله إلى آخره كالصريح في إرادة العموم لقوله: {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى} [النجم: ٤٠، ٤١]. وهذا يعمُّ الخيرَ والشرَّ قطعًا، ويتناول البرَّ والفاجر، والمؤمن والكافر؛ كقوله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧، ٨]. وكقوله في الحديث الإلهي: «يا عبادي إنَّما هي أعمالُكم، أحُصِيها لكم، ثمَّ أوفِّيكم إياها. فمن وَجَد خيرًا فليَحْمَد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومَنَّ إلا نفسَه» (¬٢). وهو كقوله: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ} [الانشقاق: ٦].
ولا تغترَّ (¬٣) بقول كثير من المفسرين في لفظ «الإنسان» في القرآن: الإنسان هاهنا (¬٤) أبو جهل، والإنسان هاهنا عُقبة بن أبي مُعَيط، والإنسان هاهنا الوليد بن المغيرة (¬٥). فالقرآن أجلُّ من ذلك، بل الإنسان هو الإنسان
---------------
(¬١) «كله» ساقط من (ب، ج).
(¬٢) أخرجه مسلم (٢٥٧٧).
(¬٣) ما عدا (ق، ن، غ): «يُغترَّ».
(¬٤) «هاهنا» ساقط من (ب، ط، ن، ج).
(¬٥) انظر في مثل هذا التخصيص للعموم: الصواعق المرسلة للمصنف (ص ٦٩٣ ــ ٧٠٨).