كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

حتى إنّ كثيرًا ممَّن ينكر ذلك عليهم يستعين بهم إذا سُرِق ماله (¬١).
وقد حكى الله سبحانه عن الشاهد الذي شهد بين يوسفَ الصدِّيق وامرأة العزيز أنه (¬٢) حكم بالقرينة على صدق يوسف وكذب المرأة، ولم ينكر الله سبحانه عليه ذلك، بل حكاه عنه تقريرًا له (¬٣).
وأخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نبي الله سليمان بن داود أنه حكم بين المرأتين اللتين تداعتا (¬٤) الولدَ للصغرى، بالقرينة التي ظهرت له، لمَّا قال: ائتوني بالسكِّين أشقُّ الولد بينكما (¬٥). فقالت الكبرى: نعم. رضيَتْ بذلك للتأسّي بفقد ابن صاحبتها. وقالت الأخرى: لا تفعل (¬٦)، هو ابنها. فقضَى به لها للشفقة والرحمة التي قامت بقلبها، حتى سمحت به للأخرى، ويبقى حيًّا وتنظرُ إليه (¬٧).
وهذا من أحسن الأحكام وأعدَلها، وشريعةُ الإسلام تقرِّر مثل هذا، وتشهدُ بصحَّته. وهل الحكمُ بالقافة (¬٨) وإلحاقُ النسب بها إلّاَ اعتمادًا (¬٩)
---------------
(¬١) انظر: الطرق الحكمية (١٤ - ١٨).
(¬٢) (ب، ط، ج): "عن شاهد يوسف أنه".
(¬٣) (ب، ط): "مقرًّا له". (ج): "مقررًا له". وانظر: الطرق الحكمية (١٠)، زاد المعاد (٣/ ١٤٩)، بدائع الفوائد (١٠٣٧)، إغاثة اللهفان (٢/ ٦٦).
(¬٤) في جميع النسخ: "تداعيا". وفي (ب) وضعت نقطتا التاء أيضًا، وهو الوجه.
(¬٥) (ب): بينهما.
(¬٦) (ب): لا تفعلوا.
(¬٧) أخرجه البخاري (٣٤٢٧)، ومسلم (١٧٢٠) من حديث أبي هريرة.
(¬٨) (ب): "القسامة"، تحريف.
(¬٩) في النسخ المطبوعة: "بها للاعتماد"، وهو خطأ.

الصفحة 42