كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

حتى نبغَت نابغةٌ ممن قَصَر فهمه في الكتاب والسُّنَّة، فزعم أنها قديمة غير مخلوقة. واحتجَّ على ذلك (¬١) بأنها من أمر الله، وأمرُه (¬٢) غير مخلوق، وبأن الله تعالى أضافها إليه كما أضاف إليه علِمه وكتابه (¬٣) وقدرته وسمعه وبصره ويدَه. وتوقَّف آخرون، وقالوا: لا نقول: مخلوقة ولا غير مخلوقة (¬٤).
وسُئل عن ذلك حافظُ أصبهان أبو عبد الله بن منده، فقال (¬٥): أما بعد، فإنَّ سائلاً سألني عن الروح التي جعَلها الله سبحانه قِوامَ أنفُسِ (¬٦) الخلق وأبدانهم، وذكَر أنَّ أقوامًا تكلَّموا في الروح، وزعموا أنها غير مخلوقة، وخصَّ بعضهم منها أرواحَ القدس، وأنها من ذات الله.
قال: وأنا أذكر اختلاف أقاويل متقدِّميهم، وأبيِّن ما يخالف أقاويلهم من الكتاب والأثر وأقاويل الصحابة والتابعين وأهل العلم. وأذكر بعد ذلك وجوهَ الروح من الكتاب والأثر، وأوضِّح به (¬٧) خطأ المتكلِّم في الروح بغير علم، وأنَّ كلامهم يوافق قولَ جهم (¬٨) وأصحابه. فنقول وبالله التوفيق:
إنَّ الناس اختلفوا في معرفة الأرواح ومحلِّها من النفس، فقال بعضهم:
---------------
(¬١) «على ذلك» من (أ، غ) فقط.
(¬٢) (ط): «أمر الله».
(¬٣) (ب، ج): «حياته».
(¬٤) «وتوقف ... مخلوقة» ساقط من (ط). و «لا غير مخلوقة» ساقط من (ب).
(¬٥) (أ، غ): «قال». والظاهر أن النقل من مقدمة كتاب الروح والنفس لابن منده.
(¬٦) (ب، ج، ن): «نفس».
(¬٧) «به» ساقط من (ط).
(¬٨) في (ن) زيادة: «بن صفوان».

الصفحة 421