كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
{وَسَخَّرَ لَكُمْ [٩٣ ب] مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [الجاثية: ١٣]. يقول: من أمره. وتفسيرُ روح الله إنما معناها: بكلمة الله خلَقَها، كما يقال: عبد الله، وسماءُ الله، وأرضُ الله» (¬١).
فقد صرَّح (¬٢) بأنَّ روحَ المسيح مخلوقة، فكيف بسائر (¬٣) الأرواح! وقد أضاف الله سبحانه إليه الروحَ الذي أرسله إلى مريم، وهو عبده (¬٤) ورسوله، ولم يدلَّ ذلك على أنه قديم غير مخلوق، فقال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [مريم: ١٧ ــ ١٩]. فهذا الروح هو روح الله، وهو عبده (¬٥) ورسوله.
وسنذكر إن شاء الله أقسامَ المضاف إلى الله، وأنَّى يكون المضاف صفةً له قديمة؟ وأنَّى يكون مخلوقًا؟ وما ضابط ذلك؟
فصل
والذي يدلُّ على خَلْقها وجوه:
أحدها: قول الله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزمر: ٦٣]. فهذا لفظٌ عامٌّ لا تخصيصَ فيه بوجهٍ ما. ولا يدخل في ذلك صفاتُه، فإنها داخلةٌ في
---------------
(¬١) انتهى النقل من كتاب الرد على الزنادقة والجهمية.
(¬٢) يعني الإمام أحمد. وقارن بمجموع الفتاوى (٤/ ٢٢٠).
(¬٣) (ب، ط، ج): «سائر».
(¬٤) (ط): «عبد الله».
(¬٥) (ط): «عبد الله».