كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
الخامس: المسيح ابن مريم قال تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (¬١) رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: ١٧١].
وأما أرواحُ بني آدم، فلم يقع تسميتها في القرآن إلا بالنفس. قال تعالى: {يَاأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} [الفجر: ٢٧]. وقال: {وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: ٢]. وقال: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ} [يوسف: ٥٣]. وقال: {أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ} [الأنعام: ٩٣]. وقال: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} [الشمس: ٧، ٨]. وقال: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: ١٨٥]. وأما في السُّنَّة (¬٢) فجاءت بلفظ النفس والروح.
والمقصود أنَّ كونها من أمر الله لا يدلُّ على قِدَمها وأنها غير مخلوقة.
فصل
وأما استدلالُهم بإضافتها إليه سبحانه بقوله: {وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي} [الحِجر: ٢٩، ص: ٧٢]، فينبغي أن يُعلمَ أنَّ المضاف إلى الله سبحانه نوعان:
صفاتٌ لا تقوم بأنفسها، كالعلم والقدرة والكلام والسمع والبصر. فهذه إضافةُ صفةٍ إلى الموصوف بها. فعلمُه وكلامُه وإرادتُه وقدرتُه وحياتُه صفاتٌ له غير مخلوقة. وكذلك وجهه ويده سبحانه.
---------------
(¬١) «قال ... مريم» ساقط من (ق).
(¬٢) (ن، غ): «وأما السُّنَّة». وقد ضرب بعضهم على «في» ووضع على «السُّنَّة» ضمَّةً في الأصل.