كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

فصل
وأمَّا المسألة الثامنة عشرة (¬١)
وهي: هل (¬٢) تقدَّم خلقُ الأرواح على الأجساد أو تأخَّر خلقُها عنها؟
فهذه المسألة، للناس فيها قولان معروفان، حكاهما شيخُ الإسلام (¬٣) وغيره. وممن ذهب إلى تقدُّم خَلْقها محمد بن نصر المروزي وأبو محمد بن حزم، وحكاه ابن حزم إجماعًا (¬٤).
ونحن نذكر حججَ الفريقين، وما هو الأولى منها بالصواب.
قال مَن ذهبَ إلى تقدمُّ خلقها على خَلْق البدن: قال الله تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا} [الأعراف: ١١]. قالوا: «ثُمَّ» للترتيب والمُهلة (¬٥)، فقد تضمَّنت الآية أنَّ خَلْقَنا (¬٦) مقدَّمٌ على أمر الله للملائكة بالسجود لآدم. ومن المعلوم قطعًا أنَّ أبدانَنا حادثةٌ بعد ذلك، فعُلِم أنها الأرواح.
---------------
(¬١) (ن): «التاسعة عشر» ولم يرد فيها «فصل وأما». والمثبت من (ط). وفي غيرها: «الثامنة عشر».
(¬٢) «هل» ساقطة من (ق، ط، ج). وفي (ب): أضافها بعض القراء.
(¬٣) في (ن) زيادة: «ابن تيمية». وانظر: درء التعارض (٨/ ٤١٤).
(¬٤) الفصل لابن حزم (٢/ ٣٢٢). وانظر: التمهيد (١٨/ ٨٤)، وشفاء العليل للمصنف (٤٤٤). وشرح الطحاوية (٢١٦).
(¬٥) الفصل لابن حزم (٢/ ٣٢١).
(¬٦) كذا في (ب، ط، ق، ج). وكذا كان في الأصل فغيَّره بعضهم إلى «خلقها» كما في (ن، غ) والنسخ المطبوعة. ويؤيد المثبت ما يأتي في (ص ٤٩٩).

الصفحة 453