كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
الأيسر، فخرجت كلُّ نفس مخلوقة للنار سوداء، فقال: هؤلاء أهل النار. ثم أخذ عهده على الإيمان به، والمعرفةِ له ولأمره، والتصديق له وبأمره من بني آدم كلِّهم، وأشهدهم على أنفسهم. فآمنوا، وصدَّقوا، وعَرَفوا، وأقرُّوا (¬١).
وذكر محمد بن نصر (¬٢) من تفسير السُّدِّي، عن أبي مالك وعن أبي صالح، عن ابن عباس؛ وعن مُرَّة الهمداني، عن ابن مسعود، وعن أناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - في قوله: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ} الآية [الأعراف: ١٧٢]. لما أخرَجَ الله آدم من الجنة قبل أن يهبط من السماء مسَحَ صَفْحة ظهر [١٠٣ أ] آدم اليمنى، فأخرج منه ذرِّيةً بيضاءَ مثلَ اللؤلؤ وكهيئة الذرِّ، فقال لهم: ادخلوا الجنة برحمتي. ومسح صفحة ظهره اليسرى، فأخرج منه ذرِّيةً سوداءَ كهيئة الذرِّ (¬٣)، فقال لهم (¬٤): ادخلوا النار، ولا أبالي. فذلك حيث (¬٥) يقول: {وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ} [الواقعة: ٢٧]، {وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ} [الواقعة: ٤١].
ثم أخذ منهم الميثاق فقال: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} فأعطاه طائفةٌ طائعين، وطائفة كارهين على وجه التقِيَّة. فقال هو والملائكة: {شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (١٧٢) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا
---------------
(¬١) أخرجه الطبري في تفسيره (١٣/ ٢٣٧).
(¬٢) زاد في (ط): «المروزي».
(¬٣) «كهيئة الذر» ساقط من (ب، ط، ج، ن).
(¬٤) «لهم» من (أ، غ).
(¬٥) (ب، ج، ن): «حين».