كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
وقال أيضًا: صالح الحديث (¬١). وقال الفلَّاس: سيئِّ الحفظ. وقال أبو زُرعة: يَهِم كثيرًا. وقال ابن حِبَّان: ينفرد (¬٢) بالمناكير عن المشاهير (¬٣).
قلت: ومما يُنكَر من هذا الحديث قوله: «فكان رُوح عيسى من تلك الأرواح التي أخذ عليها الميثاق، فأرسل ذلك الروح إلى مريم حين انتبذت من أهلها مكانًا شرقيًا، فدخل مِن فيها» (¬٤). ومعلومٌ أن الروح الذي أُرسل إلى مريم ليس هو روح المسيح بل ذلك الروح الذي نفخ فيها فحملت بالمسيح. قال تعالى: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (١٧) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا (١٨) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} (¬٥) [مريم: ١٧ ـ ١٩]. فروح المسيح لا يخاطبها عن نفسه بهذه المخاطبة قطعًا.
وفي بعض طرق حديث أبي جعفر هذا أنَّ روح المسيح هو الذي خاطبها، وهو الذي أُرسِل إليها.
وهاهنا أربع مقامات:
أحدها: أنَّ الله سبحانه استخرج صورهم وأمثالهم، فميَّز (¬٦) شقيَّهم
---------------
(¬١) هذا القول الثاني لأحمد ساقط من (ن).
(¬٢) في الأصل: «يتفرد». وفي (غ): «متفرِّد».
(¬٣) انظر هذه الأقوال في تهذيب الكمال (٣/ ١٩٤ ــ ١٩٦) إلا قول ابن حبان فهو في كتاب المجروحين (٢/ ١٢٠).
(¬٤) في (أ، غ): «في فيها»، خلافًا لما سبق، وهو المطابق لما ورد في المستدرك. وقد سقطت «من» من (ق).
(¬٥) في (أ، ق، غ): «ليهَبَ» بالياء. وهي قراءة أبي عمرو. انظر: الإقناع لابن الباذش (٦٩٦).
(¬٦) (ب، ج): «وميَّز».