كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

قال للملائكة: اشهدوا، فقالوا: شهدنا.
قال: وزعم بعض أهل العلم أن الميثاقَ إنما أُخِذ على الأرواح دون الأجساد، لأنَّ (¬١) الأرواح هي التي تعقل وتفهم، ولها الثواب وعليها العقاب، والأجساد مَواتٌ (¬٢) لا تعقل ولا تفهم.
قال: وكان إسحاق بن راهويه يذهب إلى هذا المعنى، وذكر أنه قول أبي هريرة. قال إسحاق: وأجمعَ أهل العلم أنها الأرواح قبل الأجساد، استنطقهم، وأشهدهم.
قال الجرجاني: واحتجوا بقوله: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آل عمران: ١٦٩]. والأجسادُ قد بَلِيت وضلَّت (¬٣) في الأرض، والأرواح تُرزَق وتَفرح، وهي التي تلَذُّ وتألم، وتفرح وتحزن (¬٤)، وتَعرفُ وتُنكر. وبيانُ ذلك في الأحلام موجودٌ: أنَّ الإنسان يصبح، وأثرُ لذة الفرح وألم الحزن باقٍ في نفسه مما (¬٥) تلقى الروح دون الجسد.
قال: وحصل (¬٦) الفائدة في هذا الفصل أنه سبحانه قد أثبت الحجَّةَ على
---------------
(¬١) (ط، ن): «وأن».
(¬٢) (ن): «مقامات»، تحريف.
(¬٣) (ق): «صليت». (ب): «صارت». وكلاهما تحريف.
(¬٤) «وتفرح وتحزن» ساقط من (ب، ج).
(¬٥) (ن، غ): «بما».
(¬٦) كذا في (أ، ق، ب، ج، غ). وكذا في البسيط للواحدي (٩/ ٤٤٩). وفي (ط): «جعل» تصحيف. وفي (ن) والنسخ المطبوعة: «حاصل» ولعله إصلاح. وفي تفسير الخازن (٢/ ٢٦٨): تحصل. وقد يكون الصواب: «مُحصَّل».

الصفحة 478