كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [الأحزاب: ٧].
فهذا ميثاقٌ أخَذه (¬١) منهم بعدَ بعثهم كما أخذ من أممهم بعدَ إنذارهم. [١٠٨ ب] وهذا الميثاق الذي لعَن سبحانه مَن نقَضه، وعاقبه بقوله: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} [المائدة: ١٣]، فإنما عاقبهم بنقضهم الميثاقَ الذي أخذه عليهم على ألسنة رسله. وقد صرَّح به في قوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ٦٣].
ولما كانت هذه الآية ونظيرتها (¬٢) في سورة مدنية خاطب بالتذكير بهذا الميثاقِ فيها أهلَ الكتاب، فإنه ميثاقٌ أخَذه عليهم بالإيمان به وبرسله. ولما كانت هذه (¬٣) آيةُ الأعراف في سورة مكية ذكَر فيها الميثاق والإشهاد العامَّ لجميع المكلَّفين (¬٤) بالإقرار بربوبيته ووحدانيته وبطلان الشرك، وهو ميثاقٌ وإشهاد يقومُ به عليهم الحجة (¬٥)، وينقطع به العذر (¬٦)، وتحلُّ به العقوبة،
---------------
(¬١) (ب، ج، ن): «أُخِذ».
(¬٢) (ط، ن): «نظيرها».
(¬٣) «هذه» ساقط من (ب، ج).
(¬٤) في (أ، ق) بعده: «ممَّن» كذا مضبوطًا في الأصل. ولعله سهو، ولكن في (غ): «ممَّن أقرَّت»!
(¬٥) (ط): «عليهم به الحجة». (ن): «به الحجة عليهم».
(¬٦) ما عدا (أ، ق، غ): «المعذرة».