كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
مخلوق حادث بعد أن لم يكن، ومُحالٌ أن يكون حدَثَ بلا مُحدِث، أو يكون هو المحدِثَ لنفسه. فلابد له من مُوجِد أوجده (¬١) ليس هو كمثله. وهذا الإقرار والشهادة (¬٢) فطرةٌ فُطِروا عليها ليست بمكتسَبة.
وهذه الآية وهي قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهم} (¬٣) [الأعراف: ١٧٢]. مطابقةٌ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «كلُّ مولود يولد على الفطرة» (¬٤). ولقوله تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} [الروم: ٣٠ - ٣١].
ومن المفسرين من لم يذكر إلا هذا القول فقط كالزمخشري (¬٥). ومنهم من لم يذكر إلا القول الأول فقط، ومنهم من حَكَى القولين كابن الجوزيِّ (¬٦)، والواحديِّ (¬٧)، والماوردي (¬٨)، وغيرهم.
---------------
(¬١) (ط): «يوجده».
(¬٢) ما عدا (ب، ج، ن): «المشاهدة».
(¬٣) سبق التنبيه غير مرة على أن الآية وردت كذا في النسخ على قراءة أبي عمرو. وبها قرأ نافع وابن عامر أيضًا.
(¬٤) أخرجه البخاري (١٣٨٥) من حديث أبي هريرة. وبلفظ آخر عنه في البخاري (١٣٥٨) ومسلم (٢٦٥٨).
(¬٥) الكشاف (٢/ ١٧٦).
(¬٦) زاد المسير (٣/ ٢٨٣ ــ ٢٨٦).
(¬٧) البسيط (٩/ ٤٤٣ ــ ٤٥٨).
(¬٨) النكت والعيون (٢/ ٢٧٧ ــ ٢٧٩).