كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
بمعنى: يشهَدُ الحطيئة. يقول تعالى: نشهد أنكم ستقولون يوم القيامة: {إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} أي: عمَّا هم فيه من الحساب والمناقشة والمؤاخذة بالكفر.
ثم أضاف إليه خبرًا آخرَ، فقال: {أَوْ تَقُولُوا} (¬١) بمعنى: وأن تقولوا؛ لأن {أَوْ} بمعنى واو النسق، مثل قوله: {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} (¬٢) [الإنسان: ٢٤]. فتأويله: ونشهد أن تقولوا يوم القيامة: {إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ} [الأعراف: ١٧٣] أي: إنهم أشركوا، وحملونا على مذهبهم في الشرك في صِبانا (¬٣)، فجرينا على مذاهبهم، واقتدينا بهم؛ فلا ذنب لنا إذ كنا مقتدين بهم، والذنبُ في ذلك لهم. كما قالوا: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} (¬٤) [الزخرف: ٢٣]. يدل على ذلك قولهم: {أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ} أي: حَملِهم (¬٥) إيانا على الشرك.
فتكون القصة الأولى خبرًا عن جميع المخلوقين بأخذ الميثاق
---------------
(¬١) اضطربت النسخ في ضبط حرف المضارعة هنا وفيما يأتي، فأكثرها ضبطت بالتاء أو مرة بالياء وأخرى بالتاء. والصواب بالتاء؛ لأن الكلام للجرجاني، وقد فسَّر من قبل بقوله: «نشهد أنكم ستقولون ... » فهذا نصٌّ على أن قراءته ليست بقراءة أبي عمرو.
(¬٢) قال مكي في المشكل (٧٨٨): «وقيل: أو بمعنى الواو، وفيه بعد». وانظر التبيان للعكبري (١٢٦١).
(¬٣) (ب، ج، ن): «حياتنا».
(¬٤) «بهم والذين ... مقتدون» ساقط من (ن).
(¬٥) (غ): «بحملهم».