كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)
الواو (¬١). قال الزجَّاج: وهذا خطأ لا يجيزه [١١٢ أ] الخليل وسيبويه (¬٢) وجميع من يوثق بعلمه (¬٣).
قال أبو عبيد: وقد بيَّنه مجاهدٌ حين قال: إن الله خلق آدم (¬٤)، وصوَّرهم في ظهره، ثم أمر بعد ذلك بالسجود. قال: وهذا بيِّنٌ في الحديث وهو: «أنه أخرجهم من ظهر آدم في صُوَر الذرِّ» (¬٥).
قلت: والقرآن يفسِّر بعضُه بعضًا. ونظيرُ هذه الآية قوله: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ} [الحج: ٥]. فأوقع الخلقَ من ترابٍ عليهم، وهو لأبيهم آدم، إذ هو أصلهم.
والله سبحانه يخاطب الموجودين، والمرادُ آباؤهم، كقوله: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} [البقرة: ٥٥]. وقوله: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ} الآية [البقرة: ٦١]. وقوله: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا} [البقرة: ٧٢]. وقوله: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ} [البقرة: ٦٣]. وهو (¬٦) كثير في القرآن:
---------------
(¬١) معاني القرآن للأخفش (٢٩٤)، ولكنه مثل يونس جوَّز أيضًا أن يكون الخلق والتصوير لآدم، وذكر مثاله أيضًا.
(¬٢) الأصل: «ولا سيبويه».
(¬٣) معاني القرآن للزجاج (٢/ ٣٢١). وانظر: كتاب سيبويه (٣/ ٨٩).
(¬٤) ما عدا (ن): «ولد آدم»، والمثبت موافق للبسيط، وهو الذي ذهب إليه مجاهد.
(¬٥) سبق تخريج الحديث (ص ٤٥٥).
(¬٦) (ب، ج): «هذا».