كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

كَالْفَخَّارِ} [الرحمن: ١٤]، ويقول: لأمرٍ ما خُلِقتَ! ودخل مِن فيه، فخرج من دُبره، فقال للملائكة: لا تَرهَبوا من هذا فإن ربَّكم صَمَدٌ، وهذا أجوف. لئن سُلِّطتُ عليه لأهلكنَّه.
فلما بلغ الحينَ الذين يريد الله جل ثناؤه أن ينفخ فيه الروحَ قال للملائكة: إذا نفخت فيه من روحي فاسجدوا له. فلما نفخ فيه الروحَ فدخل الروحُ في رأسه عَطَس، فقالت الملائكة: قل: الحمد لله، فقال: الحمد لله، فقال له الله: يرحمك ربُّك. فلما دخل الروحُ في عينيه نظر إلى ثمار الجنة، فلما دخل في جوفه اشتهى الطعام (¬١) قبل أن يبلغ الروح رجليه، فنهض عَجلانَ (¬٢) إلى ثمار الجنة، فذلك حين يقول: {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: ٣٧]. وذكر باقي الحديث (¬٣).
وقال يونس بن عبد الأعلى: أخبرنا ابن وهب، قال: ثنا ابن زيد، قال: لمَّا خلق الله النار ذُعِرتْ منها الملائكة ذُعرًا شديدًا، وقالوا: ربَّنا لمَ خلقتَ هذه النار؟ ولأي شيء خلقتَها؟ قال: لمن عصاني من خَلْقي. ولم يكن لله خَلْقٌ يومئذ (¬٤) إلا الملائكة، والأرضُ ليس فيها خَلْقٌ، إنما خُلِق آدمُ بعد ذلك. وقرأ (¬٥) قوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا
---------------
(¬١) بعده في تفسير الطبري: «فوثب». وكذا نقله المصنف في المسألة القادمة، فلعل هنا سقطًا.
(¬٢) (ط): «عجلًا».
(¬٣) أخرجه الطبري في تفسيره (١/ ٤٥٨ ــ ٤٦٠) وتاريخه (١/ ٩٠، ٩٣، ٩٤).
(¬٤) (ن): «يومئذ خلق».
(¬٥) رسمها في (أ، ق): «قراه». والمثبت من غيرهما.

الصفحة 505