كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

وكان الأصَمُّ (¬١) لا يثبتُ الحياة والروح شيئًا غيرَ الجسد، ويقول: ليس أعقِلُ إلا الجسدَ الطويل العريض العميق الذي أراه وأشاهده. وكان يقول: النفسُ هي هذا البدن بعينه لا غير، وإنما جرى عليها هذا الذكر (¬٢) على جهة البيان والتأكيد لحقيقة الشيء، لا على أنها معنًى غيرُ البدن.
وذكر عن أرِسْطاليس (¬٣): أن النفس معنًى مرتفعٌ (¬٤) عن الوقوع تحت النشوء والكون (¬٥)، وأنها جوهر منبسط (¬٦) مُنبَثٌّ في العالم كلِّه من الحيوان على جهة الإعمال له والتدبير، وأنه لا تجوز عليه صفة قلَّةٍ ولا كثرة. قال: وهي على ما وصفت من انبساطها في هذا العالم غيرُ منقسمةِ الذاتِ والبِنْية، فإنها (¬٧) في كل حيوان العالم بمعنًى واحدٍ لا غير.
وقال آخرون: بل النفس معنًى موجودٌ ذاتُ حدود (¬٨) وأركان، وطول
---------------
(¬١) أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان. في طبقات المعتزلة (٥٦) أنه كان من أفصح الناس وأفقههم وأورعهم، وله تفسير عجيب. وفي الفهرست (٢١٤) أنه توفي سنة ٢٠٠، وقيل: ٢٠١.
(¬٢) «الذكر» ساقط من (أ، غ).
(¬٣) هذا في الأصل، وفي (ق، ن، غ): «أرسطاطاليس». وهما وجهان معروفان، ولكن في (ب، ط): «أرطاطاليس»!
(¬٤) «مرتفع» ساقط من الأصل.
(¬٥) «الكون» من (ن)، و «النشوء» من الأصل. وتصحفتا في غيرهما والنسخ المطبوعة إلى «النسق واللون». وفي المقالات: «تحت التدبير والنشوء والبلى، غير داثرة».
(¬٦) هذه قراءة الأصل و (غ)، ويؤيدها قوله: «انبساطها». وفي النسخ الأخرى والمقالات: «بسيط».
(¬٧) ما عدا الأصل: «وإنها».
(¬٨) «حدود» ساقط من الأصل.

الصفحة 514