كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
ولما ماتت رابعةُ رأتها امرأة (¬١) من أصحابها وعليها حُلَّةُ إسْتَبْرَقٍ، وخِمارٌ من سُندُس، وخمارٌ من صوف (¬٢)، فقالت لها: ما فعلت الجُبَّة التي كفَّنتُكِ (¬٣) فيها، والخمار الصوف؟ قالت: والله إنّه نُزِعَ عني (¬٤)، وأُبدِلْتُ به هذا الذي ترَيْن عليَّ، وطُوِيت أكفاني، وخُتِم عليها، ورُفِعتْ في علّييّن؛ ليكملَ لي ثوابها يوم القيامة. قالت: فقلت لها: لهذا كنتِ تعملين أيام الدنيا؟ فقالت: وما هذا عندما رأيت من كرامة الله (¬٥) لأوليائه!
فقلت لها: فما فعلت عَبْدة (¬٦) بنت أبي كلاب؟ فقالت: هيهات هيهات! سبقتنا ــ والله ــ إلى الدرجات العلى! قالت: قلت: وبمَ، وقد كنتِ عند الناس أعبدَ منها؟ فقالت: إنها لم تكن تبالي على أيّ حال أصبحتْ من الدنيا أو أمست.
فقلت: فما فعل أبو مالك؟ تعني ضيغمًا. فقالت: يزور الله تبارك وتعالى متى شاء.
قالت: قلت: فما فعل بِشْر بن منصور؟ (¬٧) قالت: بخٍ بخٍ! أُعطِيَ والله
---------------
(¬١) هي عبدة بنت أبي شوّال، كما في المنامات.
(¬٢) كذا في جميع النسخ: "وخمار من صوف". والصواب حذفها، أو إضافة "وكانت قد دفنت في جبة من شعر" قبلها.
(¬٣) رسمها في (أ، ق): "كفّنتكي".
(¬٤) (ب، ط، ج): "لقد نزعه عنّي". وفي (ن): " ... مني".
(¬٥) هذا في (أ، غ، ق) والمنامات. وفيما عداها: "كرم الله".
(¬٦) كذا "عبدة" في جميع النسخ والمنامات وصفة الصفوة في ترجمة رابعة (٢/ ٢١١). ولكن سماها ابن الجوزي في ترجمتها (٢/ ٢١٣): "عُبيدة" مصغّرًا، ولما نقل الجزء المتعلق بها من هذا الخبر في ترجمتها سمَّاها عبيدة أيضًا.
(¬٧) بشر بن منصور السَّليمي أبو محمد الأزدي البصري مات سنة ١٨٠. ترجمته في الحلية (٦/ ٢٣٩). ونقل ابن الجوزي في ترجمته في صفة الصفوة (٢/ ١٩١) الجزء المتعلق به من هذا الخبر. وانظر: التقريب (١٢٤).