كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 2)

فأخبر سبحانه أنَّ تقرُّبَ عبِده منه يفيدهُ محبته له، فإذا أحبَّه قرُب من سمعه وبصره ويده ورجله، فسمع به، وأبصر به، وبطَش به، ومشى به. فصار قلبُه كالمرآة الصافية تتبدَّى (¬١) فيها صوَرُ الحقائق على ما هي عليه، فلا تكاد تُخطئ له فراسة. فإن العبد إذا أبصر بالله أبصرَ الأمرَ على ما هو عليه، وإذا (¬٢) سمع بالله سمعه على ما هو عليه.
وليس هذا من علمِ الغيب، بل علَّامُ الغيوب قذَفَ الحقَّ في قلبٍ قريبٍ منه، مُستنيرٍ (¬٣) بنوره، غيرِ مشغولٍ بنفوس (¬٤) الأباطيل والخيالات والوساوس التي تمنعه من حصولِ صور (¬٥) الحقائق فيه. وإذا (¬٦) غلب على القلب النورُ فاضَ على الأركان، وبادرَ من القلب إلى العين، فيكشف بعين بصره بحسب ذلك النور.
---------------
(¬١) هذا في الأصل. وفي غيره: «تبدو».
(¬٢) (ق، غ): «فإذا». ورسمها في الأصل محتمل.
(¬٣) في النسخ المطبوعة: «مستبشر»، تصحيف.
(¬٤) (ب، ج): «بنقوش».
(¬٥) (أ، غ): «صورة».
(¬٦) (ب، ط، ج): «فإذا».

الصفحة 670