كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

القصر، فهتفَ بأعلى صوته يقول: أين محمدُ بن عبد الله بن عبد المطلب؟ أين رسولُ الله؟ إذْ أقبل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حتى دخل ذلك القصر.
قال: ثم إنَّ آخَرَ خرج من ذلك القصر، فنادى: أين أبو بكر الصديقُ؟ أين ابنُ أبي قُحافة؟ إذ أقبل أبو بكر حتى دخل ذلك القصرَ. ثم خرج آخرُ، فنادى: أين عمرُ بن الخطّاب؟ فأقبل عمرُ حتى دخل ذلك القصر. ثم خرج آخرُ، فنادى: أين عثمانُ بن عفان؟ فأقبل حتى دخل ذلك القصر. ثم خرج آخر، فنادى: أين عليُّ بن أبي طالب؟ فأقبل حتى دخل ذلك القصرَ. ثم إنّ آخرَ خرج، فنادى: أين عمرُ بن عبد العزيز؟ قال عمرُ: فقمتُ حتى دخلتُ ذلك (¬١) القصرَ.
قال فدُفِعتُ (¬٢) إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والقوم حولَه. فقلت بيني وبين نفسي: أين أجلِسُ؟ فجلستُ إلى جَنْب أبي عمرَ بن الخطاب. فنظرتُ فإذا أبو بكر عن يمين النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإذا عمرُ [١٦ أ] عن يساره، فتأملتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فإذا بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أبي بكر رجل. فقلت (¬٣): من هذا الرجل الذي بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين أبي بكر؟ فقال: هذا عيسى ابن مريم. فسمعتُ هاتفًا يهتِف، وبيني وبينه سترُ نور: يا عمر بن عبد العزيز، تمسَّكْ بما أنت عليه، واثبُتْ على ما أنت عليه.
ثم كأنّه أُذِنَ لي في الخروج، فقمتُ، فخرجت من ذلك القصر. فالتفتُّ
---------------
(¬١) لم ترد في (ن).
(¬٢) (ب، ز، غ): "رفعت" بالراء.
(¬٣) يعني: لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما في المنامات.

الصفحة 74