كتاب الروح - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
فصل
وأمَّا (¬١) المسألة الرابعة
وهي أنّ الروح هل تموت، أم الموت للبدن وحده؟
فقد اختلف الناسُ في هذا (¬٢). فقالت طائفة: تموت وتذوق الموتَ؛ لأنها نفس، وكلُّ نفس ذائقةُ الموت.
قالوا: وقد دلَّت الأدلَّة على أنه لا يبقى إلا الله وحده. قال تعالى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٢٦، ٢٧]. وقال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: ٨٨].
قالوا: وإذا كانت الملائكة تموت، فالنفوسُ البشرية أولى بالموت.
قالوا: وقد قال تعالى عن أهل النار إنهم قالوا: {رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} [غافر: ١١]، فالموتة الأولى هي المشهودة، وهي للبدن، والأخرى للروح.
وقال آخرون: لا تموت الأرواحُ، فإنها خُلِقَت للبقاء، وإنما تموت الأبدانُ. قالوا: وقد دلَّ على هذا الأحاديثُ الدالَّةُ على نعيم الأرواح وعذابها بعد المفارقة إلى أن يَرجِعَها الله في أجسادها، ولو ماتت الأرواحُ لانقطع (¬٣)
---------------
(¬١) «فصل وأما» لم يرد في (ن).
(¬٢) لخّص هذه المسألة ابن أبي العزّ في شرح الطحاوية (٣٩٠ ــ ٣٩١) دون الإشارة إلى ابن القيم.
(¬٣) (ن): «لزال».