كتاب الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

جابر] والله إن مجلس بني سلمة لينظرون إليهم: هو (أي النبي صلى الله عليه وسلم) أحبُّ إليهم من أعينهم ما يقربُونه مخافة أن يُؤذُوه. ثم قام وقام أصحابُه فخرجوا بين يديه، وكان يقول: "خَلُّوا ظهري للملائكة" قال: فاتبعتهم حتى بلغت أُسْكُفَّة الباب، فأخرجت امرأتي صدرها وكانت ستيرة، فقالت: يا رسول الله صلْ عليَّ وعلى زوجي. قال "صلى الله عليك وعلى زوجك" ثم قال: ادعوا لي فلاناً، للغريم الذي اشتد عليَّ في الطلب، فقال: "أنْسيء جابراً طائفةً من دينك الذي على أبيه إلى هذا الصِّرام المُقبل، قال ما أنا بفاعل. قال: واعتل وقال: إنما هو مال يتامى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين جابر؟ " قال: قلت: أنا ذا يا رسول الله. قال: "كِلْ له من العجوة فإن الله تعالى سوف يُوفيه" فرفع رأسه إلى السماء فإذا الشمسُ قد دلكت. قال: "الصلاة يا أبا بكر" قال: فاندفعوا إلى المسجد. فقلت لغريمي: قرِّب أوْعيتك، فكِلْتُ له من العجْوة فوفاه الله، وفضل لنا من التمر كذا وكذا، قال: فجئتُ أسعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده كأني شرارة، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلى، فقلت له: يا رسول الله إني قد كِلْتُ لغريمي تمرهُ فوفاهُ الله، وفضل لنا من التمر كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أين عمر بن الخطاب؟ " قال: فجاء يُهرْول قال: "سل جابر بن عبد الله عن غريمه وتمره" قال: ما أنا بسائله. قد علمتُ أن الله سوف يوفيه إذْ أخبرت أن الله سوف يوفيه. فردُدَ عليه وردد عليه هذه الكلمة ثلاث مرات، كل ذلك يقول: ما أنا بسائله. وكان لا يُراجعُ بعد المرة الثالثة فقال: "ما فعل غريمك وتمرك؟ قال: قلتُ (1): وفاه الله وفضل لنا من التمر كذا وكذا
__________
= خلوا ظهري للملائكة: أي سيروا أمامي. وهذه من تواضعه صلى الله عليه وسلم.
أسكفة الباب: عتبته.
- قوله (فقالت: يا رسول الله صل علي وعلى زوجي): الصلاة: الدعاء والاستغفار وفيه جواز كلام المرأة للرجال عند الحاجة وبشرط العفة.
أنْسِئ: أخر.
دلكت الشمس: حان وقت الظهر بدلوك الشمس.
كأني شرارة: أي من السرعة والفرح.
قوله: ما أنا بسائله: رفض عمر رضي الله عنه السؤال بسبب تصديقه بمعجزة النبي صلى الله عليه وسلم، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بالسؤال بسبب سروره لمباركة الله في تمر جابر.

الصفحة 1150