كتاب الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية (اسم الجزء: 3)
مشتملاً به. فتخطيتُ القومَ حتى جلستُ بينه وبين القِبْلَة. فقلت: يرحمُك الله! أتصي في ثوبٍ واحدٍ ورداؤك إلى جنبك؟ قال: فقال بيده في صدري هكذا. وفرَّق بين أصابعه وقوسها: أردتُ أن يدخل علي الأحمق مثلك، فيراني كيف أصنعُ، فيصنعُ مثله.
أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجدنا هذا، وفي يده عرجون ابن طابٍ، فرأى في قبلة المسجد نُخامة فحكها بالعرجون، ثم أقبل علينا فقال: "أيكم يُحبُّ أن يُعْرِض الله عنه؟ " قال فخشعنا. ثم قال: "أيكُمْ يُحبُّ أن يُعْرِض الله عنه؟ " قال فخشعنا. ثم قال: "أيُّكُم يُحبُّ أن يُعْرِض الله عنه؟ " قلنا: لا أينا، يا رسول الله! قا: "فإن أحدكم إذا قام يُصلي، فإن الله تبارك وتعلى قِبَلَ وجهه فلا يَبْصُقَنَّ قِبَلَ وجهه. ولا عن يمينه. وليبصُق عن يساره، تحت رجله اليُسْرى. فإن عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا" ثم طوى ثوبه بعضه على بعضٍ فقال: "أرثوني عبيراً" فقام فتى من الحي يشتد إلى أهله. فجاء بخلوقٍ في راحتِه. فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعله على رأس العُرْجُونِ. ثم لطخَ به على أثر النُّخامة.
فقال جابرٌ: فمِنْ هناك جعلتم الخلوق في مساجدكم.
__________
= مشتملاً به: ملتفاً.
العُرجون: العود الذي يكون في شماريخ عِذق الرطب.
عرجون ابن طاب: نوع من رطب المدينة.
النخامة: البزقة التي تخرج من أقصى الحلق من مخرج الخاء المعجمة.
فخشعنا: الفزع والخوف، هكذا روينا هذه اللفظة في كتاب مسلم وفي كتاب الحميدي بالجيم، وقد ذكرها الحافظ أبو موسى الأصفهاني ف يكتابه في "تتمة الغريبين" بالخاء المعجمة من الخشوع، وهو الاستكانة والخضوع.
فإن عجلت به بادرة: أي غلبته نخامة أو بصاق.
فليقل: فليفعل.
أروني: أعطوني.
العبير: طيب مخلوط، وقيل: العبير عند العرب: الزعفران.
يشتدُ: الاشتداد: العدو.
الخلوق: طيب له لون أحمر أو أصفر.