كتاب الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية (اسم الجزء: 3)

الذين يُدْنيهم عمر، وكان القراء أصحاب مجلس عمر ومشورته، كهولاً كانوا أو شُباناً. فقال عيينة لابن أخيه: يا ابن أخي، هل لك وجه عند هذا المير، فتستأذن لي عليه؟ قال: سأستأذن لك عليه، قال ابن عباس: فاستأذن لعيينة، فلما دخل قال: يا ابن الخطاب، والله ما تعطينا الجزل، وما تحكم بيننا بالعدل، فغضب عمر حتى هم بأن يقع به، فقال الحُر: يا أمير المؤمنين، إن الله تعالى قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} (1).
وإن هذا من الجاهلين، فوالله ما جاوزها عمر رضي الله عنه حين تلاهاعليه كان وقافاً عند كتاب الله تعالى.
1576 - * روى البخاري عن زيد بن أسلم عن أبيه قال عمر رضي الله عنه: لولا آخر المسلمين ما فتحتُ قرية إلا قسمتها بين أهلها كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر.
أقول: لا يعتبر هذا القول من عمر إلغاءاً لاجتهاده السابق، فإن الأمر يحتمل أن عمر شعر بأن ما وقفه على المسلمين كافٍ لتحقيق ما أراده من توسعة على حاضر الأمة ومستقبلها، فقرر أنه منذ العام اللاحق أن يغير سنته في الأراضي المفتوحة ولعله أراد أن يبين أن هذه القضية للاجتهاد فيها محل، ولذلك نرى أن أئمة المذاهب الأربعة لم يكونوا على رأي واحد في هذه القضية.
1577 - * روى البخاري ومسلم عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دخلتُ الجنة فرأيتُ فيها دراً أو قصراً. فقلتُ: لمن هذا؟ فقالوال: لعمر بن الخطاب. فأردتُ أن أدخل. فذكرتُ غيرتك" فبكى عمر وقال: أي رسول الله! أو عليك يُغارُ؟.
__________
= ما تعطينا الجزل: العطاء الجزل: الكثير.
(1) الأعراف: 199.
1576 - البخاري (6/ 334) 57 - كتاب فرض الخمس-9 - باب الغنيمة لمن شهد الوقعة.
1577 - البخاري (7/ 40) 44 - كتاب فضائل الصحابة-6 - باب مناقب عمر بن الخطاب.
ومسلم (4/ 1863) 44 - كتاب فضائل الصحابة-3 - باب من فضائل عمر بن الخطاب.

الصفحة 1603