كتاب الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية (اسم الجزء: 4)

1909 - * روى أحمد وابن سعد عن أبي ذر قال: كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار وعليه برذعة، أو قطيفة.
1910 - * روى البخاري ومسلم عن الأحنف، قال: قدمت المدينة، فبينا أنا في حلقة فيها ملأ من قريش، إذ جاء رجل أخشن الثياب، أخشن الجسد، أخشن الوجه، فقام عليهم فقال: بشر الكنازين برضف يحمي عليه في نار جهنم، فيوضع على حملة ثدي أحدهم، حتى يخرج من نغض كتفه، ويوضع على نغض كتفه حتى يخرج من حلمة ثديه يتجلجل.
قال: فوضع القوم رؤوسهم، فما رأيت أحداً منهم رجع أليه شيئاً.
فأدبر، فتبعته حتى جلس إلى سارية، فقلت: ما رأيت هؤلاء إلا كرهوا ما قلت لهم. قال: إن هؤلاء لا يعقلون شيئاً، إن خليلي أبا القاسم صلى الله عليه وسلم دعاني فقال: «يا أبا ذر». فأجبته. فقال: «ترى أحداً؟» فنظرت ما علي من الشمس - وأنا أظنه يبعثني في حاجة - فقلت: أراه فقال: «ما يسرني أن لي مثله ذهباً، أنفقه كله، إلا ثلاثة دنانير». ثم هؤلاء يجمعون الدنيا، لا يعقلون شيئاً.
فقلت: مالك ولإخوانك من قريش، لا تعتريهم ولا تصيب منهم؟ قال: لا وربك، ما أسألهم دنيا، ولا أستفتيهم عن دين حتى ألحق بالله ورسوله.
__________
1909 - أحمد في مسنده (5/ 164).
والطبقات الكبرى (4/ 228) وإسناده صحيح.
1910 - البخاري (3/ 271) 24 - كتاب الزكاة - 4 - باب ما أدى زكاته فليس بكنز.
ومسلم (2/ 689) 12 - كتاب الزكاة - 10 - باب في الكنازين للأموال والتغليظ عليهم.
والرصف: الحجارة الحماة، الواحدة رضفة، مثل: تمر وتمرة، والنغض: العظم الدقيق الذي على طرف الكتف.
أو على أعلى الكتف، وأصل النغض: الحركة، فسمي ذلك الموضع نفضا لأنه يتحرك بحركة الإنسان.
ويتجلجل: يغوص، ورواية البخاري ومسلم «يتزلزل»: أي يضطرب ويتحرك.
لا تعتريهم: لا تزورهم أو تقصدهم. تصيب منهم: تأخذ من عطياتهم.

الصفحة 1806