كتاب الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية (اسم الجزء: 1)
الله صلى الله عليه وسلم، فلميقُم ليلتين أو ثلاثاً، فجاءته امرأةٌ، فقالت: يا محمد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاثاً، فأنزل الله عز وجل: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} (1).
وفي رواية قال: أبطأ جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقال المشركون: قد ودع محمدٌ، فأنزل الله عز وجل: {وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
51 - * روى الترمذي عن جُندب البجلي قال: كنتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم في غارٍ، فدميتْ إصبعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
هل أنتِ إلا إصبع دميتِ ... وفي سبيل الله ما لقيتِ؟
قال: فأبطأ عليه جبريل عليه السلام، فقال المشركون: قد ودع محمدٌ، فأنزل الله تبارك وتعالى: {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى}.
ذكرت هذه الرواية ههنا لأنه اختلط على بعض العلماء فترة الوحي هذه بفترة الوحي التي كانت بعد فجأة الوحي وليس ذلك صحيحاً. قال صاحب الفتح:
والحق أن الفترة المذكورة في سبب نزول والضحى غير الفترة المذكورة في ابتداء الحي. فإن تلك دامت أياماً وهذه لم تكن إلا ليلتين أو ثلاثاً. وههنا إشكال: أن بعض الروايات تذكر: أن خديجة قالت رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أرى ربك إلا قد قلاك، وقد قال صاحب الفتح في هذا:
وقع في رواية أخرى عن الحاكم (فقالت خديجة) وأخرجه الطبري أيضاً من طريق عبد الله بن شداد (فقالت خديجة ولا أرى ربك) ومن طريق هشام بن عروة عن أبيه
__________
= اشتكى: أي: مرض. والمرأة: هي أم جميل - بفتح الجيم - امرأة أبي لهب وأخت أبي سفيان، وقرب: بالضم لازم، يقال: قرب الشيء، أي: دنا، وبالكسر: متعد، يقال: قربته، أي: دنوت منه. شيطانك: أي أنها كانت تقول عن الوحي شيطان، قاتلها الله وتبت يداها ويدا زوجها. والليل إذا سجى: أي ثبت بظلامه وسكن بأهله. قلا: قلاه: إذا هجره، والاسم: القلي. ودع: أي فورق، ويقال ودع المسافر الناس أي فارقهم محيياً لهم.
(1) الضحى: 1 - 3.
51 - الترمذي (5/ 422) 48 - كتاب تفسير القرآن - 82 باب: ومن سورة الضحى، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.