كتاب الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية (اسم الجزء: 4)
كأحدهم، وإذا أشرفت نفسك على شيء (1) من الدنيا، فانظر إلى ما يصير.
عن عبد الله بن مرة، أن أبا الدرداء قال: اعبد الله كأنك تراه وعد نفسك في الموتى، وإياك ودعوة المظلوم، واعلم أن قليلًا يغنيك خير من كثير يلهيك، وأن البر لا يبلى، وأن الإثم لا ينسى.
عن أبي الدرداء: إياك ودعوات المظلوم؛ فإنهن يصعدن إلى الله كأنهن شرارات من نار.
وروى لقمان بن عامر، أن أبا الدرداء قال: أهل الأموال يأكلون ونأكل، ويشربون ونشرب، ويلبسون ونلبس، ويركبون ونركب، ولهم فضول أموال ينظرون إليها، وننظر إليها معهم، وحسابهم عليها ونحن منها برآء.
وعنه، قال: الحمد لله الذي جعل الأغنياء يتمنون أنهم مثلنا عند الموت، ولا نتمنى أننا مثلهم حينئذ، ما أنصفنا إخواننا الأغنياء: يحبوننا على الدين، ويعادوننا على الدنيا.
قال: لما فتحت قبرس، مر بالسبي على أبي الدرداء، فبكى، فقلت له: تبكي في مثل هذا اليوم الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله؟ قال: يا جبير، بينا هذه الأمة قاهرة ظاهرة إذ عصوا الله، فلقوا ما ترى. ما أهون العباد على الله إذا هم عصوه.
عن أم الدرداء، قالت: كان لأبي الدرداء ستون وثلاث مئة خليل في الله. يدعو لهم في الصلاة، فقلت له في ذلك، فقال: إنه ليس رجل يدعو لأخيه في الغيب، إلا وكل الله به ملكين يقولان: ولك بمثل. أفلا أرغب أن تدعو لي الملائكة (2).
قالت أم الدرداء: لما احتضر أبو الدرداء، جعل يقول: من يعمل لمثل يومي هذا؟ من يعمل لمثل مضجعي هذا؟.
عن يزيد بن مزيد، قال: ذكر الدجال في مجلس فيه أبو الدرداء فقال نوف
__________
(1) وإذا أشرفت نفسك على شيء: أي تطلعت إليه.
(2) أقول: هذا محمول على الدعاء في صلاة.