كتاب الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية (اسم الجزء: 1)

شروط البخاري في التصحيح في القمة:
من المعروف المقرر عند أئمة الحديث وعلمائه أن شروط الحديث الصحيح أن يكون: راويه مسلماً، عاقلاً، صادقاً، غير مدلس ولا مختلط (1)، متصفاً بصفات العدالة (2)، ضابطاً لما يرويه، متحفظاً عليه، سليم الذهن والحواس التي لابد منها في السماع والضبط، قليل الوهم - الغلط - سليم الاعتقاد.
وأن يكون إسناده (3) متصلاً، فلا إرسال فيه، ولا انقطاع، ولا إعضال (4) وأن يكون متن الحديث غير شاذ، ولا معلل (5).
فإذا اجتمعت هذه الشروط في الحديث كان صحيحاً - يعني في نسبته إلى قائله - وترجح ترجحاً قوياً في صدق هذه النسبة يكاد يصل عند أهل هذا الفن المتمرسين فيه إلى حد العلم واليقين.
ومن ثم يتبين لنا أن الشروط التي وضعها المحدثون لصحة الحديث تقتضي الثقة والطمأنينة، وترجح جانب الصدق على الكذب، والصواب على الخطأ، ومما ينبغي أن يعلم أن البخاري لم ينقل عنه أنه قال: شرطي في صحيحي كذا وكذا على التفصيل والتصريح كما يصنع بعض المؤلفين، وإنما عرف ذلك من سبر (6) كتابه، والبحث فيه.
__________
(1) المدلس: هو الذي يروي عمن عاصره ما لم يسمعه منه موهماً أنه سمعه منه، والمختلط: هو الذي طرأ عليه كثرة الغلط أو الخطأ بسبب كبر سن أو عمى أو ضياع كتبه مثلاً.
(2) العدالة: ملكة أي حالة نفسية راسخة تحمل على ملازمة التقوى، والمروءة. والتقوى: امتثال المأمورات واجتناب المنهيات فلا يفعل كبيرة ولا يصر على صغيرة، ولا يكون مبتدعاً بدعة تخل بعدالته. والمروءة: آداب نفسانية تحمل مراعاتها الإنسان على الوقوف عند محاسن الأخلاق وجميل العادات فيترفع عن صغائر الخسة، والمباحات التي تواضع العرف على إخلالها بالكرامة.
(3) السند والإسناد: هم الرواة الذين يروون الحديث.
(4) المرسل: من الحديث: ما حذف من سنده الصحابي، والمنقطع: ما حذف من سنده راو واحد غير الصحابي ولو في مواضع، والمعضل: ما حذف من سنده إثنان فأكثر على التوالي.
(5) الشاذ: هو الحديث الذي خالف فيه الثقة من هو أوثق منه، والمعلل: ما اطلع فيه على علة خفية غامضة تطعن في صحة الحديث.
(6) اختبرها وتعرف عليها.

الصفحة 40