كتاب الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية (اسم الجزء: 1)

سفيان، وذلك بين في رواية مسلم ولفظه (أن النبي صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغه إقبال أبي سفيان) والثانية: كانت بعد أن خرج كما في حديث الباب؛ ووقع عند الطبراني أن سعد ابن عبادة قال ذلك بالحديبية، وهذا أولى بالصواب، وقد تقدم في الهجرة شرح برك الغماد، ودلت رواية ابن عائذ هذه على أنها من جهة اليمن، وذكر السهيلي أنه رأى في بعض الكتب أنها أرض الحبشة، وكأنه أخذه من قصة أبي بكر مع ابن الدغنة، فإن فيها أنه لقيه ذاهباً إلى الحبشة ببرك الغماد فأجاره ابن الدغنة كما تقدم في هذا الكتاب، ويجمع بأنها من جهة اليمن تقابل الحبشة وبينهما عرض البحر. أهـ.
288 - * روى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شاور حين بلغهُ إقبالُ أبي سفيان، قال: فتكلم أبو بكرٍ، فأعض عنه ثم تكلم عمر فأعرض عنه، فقام سعد ابن عبادة، فقال: إيانا تُريدُ يا رسول الله؟ والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى برك الغماد لفعلنا، قال: فندب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فانطلقوا، حتى نزلوا بدراً، ووردت عليهم روايا قُريش وفيهم غُلامٌ أسودُ لبني الحجاج، فأخذوهُ، فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه عن أبي سفيان وأصحابه؟ فيقول. مالي علم بأبي سفيان، ولكن هذا أبو جهل، وعتبةُ، وشيبةُ، وأميةُ بن خلف فإذا قال ذلك ضربوه، فقال: نعم أنا أخبركم، هذا أبو سفيان، فإذا تركوه فسألوهُ قال: مالي بأبي سفيان علم ولكن هذا أبو جهل، وعتبة، وشيبة، وأمية بن خلفٍ في الناس، فإذا قال هذا أيضاً ضربوه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يُصلي، فلما رأى ذلك انصرف، وقال: "والذي نفسي بيده، لتضربوه إذا صدقكم، وتتركوهُ إذا كذبكم" قال: فقال رسول
__________
288 - مسلم (3/ 1403) 32 - كتاب الجهاد والير - 30 - باب: غزوة بدر.
تخيضها: الضمير يعود على الخيل.
الكبد: أوسط الشيء ومعظمه.
برك الغماد: برك بفتح الباء وإسكان الراء، وقال بعضهم: صوابه كسر الراء والغماد بغين معجمة مكسورة ومضمومة لغتان مشهورتان، لكن الكسر أفصح والمشهور عند المحدثين، والضم هو المشهور في كتب اللغة.
= روايا: جمع راوية، وهي المزادة، والمراد به هاهنا: الجمال التي تحمل المزاد، والجمل: راوية، وتممي به المزادة.

الصفحة 459