كتاب الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية (اسم الجزء: 1)

297 - * روى أحمد عن عتبة بن عبد السُّلمى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه: "قوموا فقاتلوا" قالوا: نعم يا رسول الله ولا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام انطلق أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدن، ولكن انطلق أنت وربك يا محمد فقاتلا وإنا معكم نُقاتل.
298 - * روى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - وهو في قبةٍ يوم بدر -: "اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك، الهلم إن تشأ لا تُبعدُ بعد اليوم" فأخذ أبو بكر بيده فقال: حسبك يا رسول الله ألححت على ربك، وهو يثبُ في الدرع، فخرج وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (1).
قال في الفتح: وعن سعيد بن منصور من طريق عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: "لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وتكاثرهم وإلى المسلمين فاستقلهم، فركع ركعتين وقام أبو بكر عن يمينه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في صلاته: "اللهم لا تودع مني، اللهم لا تخذلني، اللهم لا تترُني".
وعند الطبراني بإسناد حسن عن ابن مسعود قال: "ما سمعنا مناشداً ينشد ضالة أشد مناشدة من محمد لربه يوم بدر: طاللهم إني أنشدك ما وعدتني" قال السهيلي: سبب شدة اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم ونصبه ف الدعاء لأنه رأى الملائكة تنصب في القتال، والأنصار يخوضون غمار الموت، والجهاد تارة يكون بالسلاح وتارة بالدعاء، ومن السنة أن يكون الإمام وراء الجيش لأنه لا يقاتل معهم فلم يكن ليريح نفسه، فتشاغل بأحد الأمرين وهو الدعاء. قوله: (اللهم إن شئت لم تعبد) في حديث عمر "اللهم إن تهلك هذه العصابه من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض". أما "تهلك" فبفتح أوله وكسر اللام، "والعصابة" بالرفع، وإنما قال ذلك لأنه علم أنه خاتم النبيين فلو هلك هو ومن معه حينئذ لم يبعث أحد ممن يدعو إلى الإيمان، ولاستمر المشركون يعبدون غير الله، فالمعنى لا يعبد في الأرض
__________
297 - أحمد في مسنده (4/ 184)، ومجمع الزوائد (6/ 74) وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات.
298 - البخاري (8/ 619) 65 - كتاب التفسير - 5 - باب: قوله تعالى: (سيهزم الجمع ويولون الدبر).
(1) القمر: 45.

الصفحة 466