كتاب الأساس في السنة وفقهها - السيرة النبوية (اسم الجزء: 1)

فتيان حديثا السن، فكأني لم آمن بمكانها، إذ قال لي أحدهما سِراً من صاحبه: يا عم، أرني أبا جهل، فقلت: يا ابن أخي وماتصنعُ به؟ قال: عاهدت الله إن رأيتُه أن أقتله أو أمُوت دُونه، فقال لي الآخر سراً من صاحبه مثله، قال: فماسرني أني بين رجلين مكانهما، فأشرت لهما إيه فشدا عليه مثل الصقرين، حتى ضرباه، وهُما ابنا عفراء.
308 - * روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر "مَنْ ينظر ما صنع أبو جهل" فانطلق ابن مسعود فوجَدَهُ قد ضربه ابنا عفراء، حتى برد فأخذ بلحيته، فقال: أنت أبو جهل؟ قال: وهل فوق رجُلٍ قتلتموه؟ أو قال: قتلهُ قومه؟
وفي رواية: قال أبو جهلٍ: فلو غير أكار قتلني.
309 - * روى الطبراني عن ابن مسعود قال: أدركتُ أبا جهلٍ يوم بدر صريعاً، فقلتُ: أي عدو الله قد أخزاك الله قال: وبما أخزاني من رجل قتلتموه. ومعي سيف لي فجعلت أضربه ولايَحْتَكُّ فيه شيء ومعه سيف له جيد فضربت يده فوقع السيف من يده فأخذته، ثم كشفتُ المغفر عن رأسه فضربتُ عنقهُ، ثم أتيتُ النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: "الله الذي لا إله إلا هو" قلت: الله الذي لا إله إلا هو قال: "انطلق فاستثبتْ" فانطلقت وأنا أسعى مثل الطائر ثم جئتُ وأنا أسعى مثل الطائر أضحك فأخبرتُهُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انطلق" فانطلقتُ معه، فأريتُه فلما وقف عليه صلى الله عليه وسلم قال: "هذا فرعونُ هذه الأمةِ"
__________
208 - البخاري (7/ 293) 64 - كتاب المغازي - 8 - باب: قتل أبي جهل. وكذا في (7/ 321) 64 - كتاب المغازي - 11 - باب: شهود الملائكة بدراً.
ومسلم (3/ 1424) 32 - كتاب الجهاد والسير - 41 - باب: قتل أبي جهل.
أكار: الأكار: الفلاح، وأراد بقوله ذلك استصغاراً واستعظاماً، كيف مثله يقتل مثله.
حتى برد: أي صار في حالة من مات ولم يبق منه إلا حركة المذبوح.
309 - أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (6/ 79) وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، غير محمد بن وهب بن أبي كريمة، وهو ثقة.
المغفر: زَرَدٌ ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة.

الصفحة 473