كتاب الأساس في التفسير (اسم الجزء: 5)

الإيمان بسبب كلمة التوحيد فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فإذا فتنهم أعداء الله أو وسوس لهم شياطين الإنس والجن لم يزالوا ثابتين وَفِي الْآخِرَةِ الجمهور على أن المراد به في القبر بتلقين الجواب وتمكين الصواب وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ فلا يهديهم ولا يثبتهم على القول الثابت في مواقف الفتن وتزل أقدامهم أول شئ وهم في الآخرة أضل وأزل بسبب اتصافهم بصفة الظلم التي يدخل فيها الشرك الذي هو أعظم أنواع ظلم الإنسان لنفسه وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ فمشيئته مطلقة لا يسأل عما يفعل، ومن ثم فلا اعتراض عليه في تثبيت المؤمنين وإضلال الظالمين.

نقل:
بمناسبة قوله تعالى أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً قال صاحب الظلال: (إن الكلمة الطيبة- كلمة الحق- لكالشجرة الطيبة. ثابتة سامقة مثمرة .. ثابتة لا تزعزعها الأعاصير ولا تعصف بها رياح الباطل ولا تقوى عليها معاول الطغيان ... - وإن خيل للبعض أنها معرضة للخطر الماحق في بعض الأحيان- سامقة متعالية، تطل على الشرك والظلم والطغيان من عل- وإن خيل إلى البعض أحيانا أن الشر يزحمها في الفضاء- مثمرة لا ينقطع ثمرها، لأن بذورها تنبت في النفوس المتكاثرة آنا بعد آن.
وإن الكلمة الخبيثة- كلمة الباطل- لكالشجرة الخبيثة، وقد تهيج وتتعالى وتتشابك ويخيل إلى بعض الناس أنها أضخم من الشجرة الطيبة وأقوى. ولكنها تظل نافشة هشة وتظل جذورها في التربة قريبة حتى لكأنها على وجه الأرض .. وما هي إلا فترة ثم تجتث من فوق الأرض فلا قرار لها ولا بقاء.
ليس هذا وذاك مجرد مثل يضرب ولا مجرد عزاء للطيبين وتشجيع إنما هو الواقع في الحياة ولو خفي في بعض الأحيان.
والخير الأصيل لا يموت ولا يذوي مهما زحمه الشر وأخذ عليه الطريق والشر كذلك لا يعيش إلا ريثما يستهلك بعض الخير المتلبس به- فقلما يوجد الشر الخالص- وعند ما يستهلك ما يلابسه من الخير فلا تبقى فيه منه بقية فإنه يتهالك ويتهشم مهما تضخم واستطال.)

الصفحة 2801