كتاب الأساس في التفسير (اسم الجزء: 8)

2 - [صلة قصة نوح بقصة إبراهيم عليهما السلام، وصلتهما بما جاء قبلهما من آيات]
جاء قبل قصة نوح وإبراهيم عليهما السلام قوله تعالى:
وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ ....
وفي قصة إبراهيم:
وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْواكُمُ النَّارُ.
والصلة بين الآيتين قائمة مما يؤكد ما ذكرناه، من أنّ هذه القصص تأتي كنماذج على معان جاءت من قبل.

وقبل أن نستمر في عرض القصص نحب أن نذكر بعض الفوائد حول ما مرّ:
فوائد:

1 - [حديث بمناسبة آية يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ وتعليق المؤلف على ذلك]
بمناسبة قوله تعالى: يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشاءُ ذكر ابن كثير الحديث الذي رواه أهل السنن: «إن الله لو عذب أهل سماواته، وأهل أرضه لعذّبهم وهو غير ظالم لهم». أقول: وهذا الحديث دليل لعلماء التوحيد في تقسيمهم الواجب، والجائز، والمستحيل في حق الله، إلى عقلي، وشرعي. فقد يكون الشيء جائزا عقلا على الله، ولكنه واجب شرعي. فجائز عقلا تعذيب المطيع، ولكن لورود الشرع أن الله لا يعذّب من أطاعه أصبح تعذيب المطيع مستحيل الوقوع بإخبار الشارع جلّ وعلا.

2 - [كلام المؤلف وصاحب الظلال بمناسبة آية قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ]
في قوله تعالى: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ معجزة من معجزات القرآن، ودليل على أنّ هذا القرآن يسع الزمان والمكان، وذلك أن الأمر بالسير في الأرض والنظر في كيفية بدء الخلق فيه إشارة إلى ضرورة دراسة علم المستحاثات. (أي علم دراسة الحياة في طبقات الأرض)؛ لمعرفة نشوئها وتطورها وهو علم حديث النّشأة في تاريخ العالم، والأمر القرآني في مداه الواسع يشمل البحث عن أول نوع من أنواع الحياة ظهرت على الأرض، وتحقيق الأمر يقتضي إيجاد متاحف للمستحاثات، حتى يراها من يسير في الأرض بقصد الاعتبار، إن وجود مثل هذه النّصوص في القرآن الكريم لدليل واضح على أنّ القرآن من عند الله.
قال صاحب الظلال في قوله تعالى:

الصفحة 4196