كتاب الأساس في التفسير (اسم الجزء: 10)

فقال ابن عباس رضي الله عنهما ومجاهد: هو المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم، يعني: لا سهم له في بيت المال، ولا كسب له، ولا حرفة يتقوت منها، وقالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: هو المحارف الذي لا يكاد يتيسر له مكسبه، وقال الضحاك: هو الذي لا يكون له مال إلا ذهب، قضى الله تعالى له ذلك، وقال أبو قلابة: جاء سيل باليمامة فذهب بمال رجل، فقال رجل من الصحابة رضي الله عنهم: هذا المحروم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما أيضا وسعيد بن المسيب وإبراهيم النخعي ونافع مولى ابن عمر رضي الله عنهما، وعطاء بن أبي رباح: المحروم: المحارف، وقال قتادة والزهري: المحروم: الذي لا يسأل الناس شيئا. قال الزهري: وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غني يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه» وهذا الحديث قد أسنده الشيخان في صحيحيهما من وجه آخر، وقال سعيد بن جبير: هو الذي يجئ وقد قسم المغنم فيرضخ له. وقال محمد بن إسحاق حدثني بعض أصحابنا قال: كنا مع عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في طريق مكة، فجاء كلب فانتزع عمر رضي الله عنه كتف شاة فرمى بها إليه، وقال: يقولون: إنه المحروم، وقال الشعبي:
أعياني أن أعلم ما المحروم، واختار ابن جرير أن المحروم الذي لا مال له بأي سبب كان، وقد ذهب ماله، سواء كان لا يقدر على الكسب أو قد هلك ماله أو نحوه بآفة أو نحوها. وقال الثوري عن قيس بن مسلم عن الحسن بن محمد رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فغنموا، فجاءه قوم لم يشهدوا الغنيمة فنزلت هذه الآية وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ وهذا يقتضي أن هذه مدنية، وليس كذلك، بل هي مكية شاملة لما بعدها).
6 - بمناسبة قوله تعالى: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ قال ابن كثير: (روى مسدد عن الحسن البصري قال: بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قاتل الله أقواما أقسم لهم ربهم ثم لم يصدقوا» ورواه ابن جرير- بسنده- عن الحسن مرسلا).
7 - من مظاهر إعجاز القرآن عدم اختلافه، ومن ذلك أنك تجد سورة تبرز معنى، فتأتي سورة أخرى فتتحدث عنه، ومن الربط بين المعنيين تستشعر أن مثل هذه الدقة يستحيل أن تكون في كتاب بشري، فمثلا في قصة إبراهيم- في سورة الذاريات- يوجد قوله تعالى: فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ قال ابن كثير: أي في

الصفحة 5528