كتاب الأساس في التفسير (اسم الجزء: 10)

صرخة عظيمة ورنة، وقال الله عزّ وجل في سورة هود: قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً ... فالصرة الواردة في سورة الذاريات يفسرها ما ذكر الله عزّ وجل على لسانها في سورة هود على رأي ابن عباس ومجاهد وعكرمة وكثيرين من المفسرين.
8 - نادرا من الناس من يحسن التفريق بين ماهية الإسلام، وماهية الإيمان؛ لأن النصوص الواردة في ذلك متعددة، ولا يحسن كل إنسان توجيهها، قال تعالى في سورة الذاريات: فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فههنا الإسلام هو الإيمان، بينما رأينا في سورة الحجرات قوله تعالى:
قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ ... فههنا تفريق بين الإسلام والإيمان، فكيف يجمع بين ما ورد في سورة الحجرات، وما ورد في سورة الذاريات؟ أقول: الإسلام الكامل والإيمان الكامل مترادفان، لأن الإيمان الكامل ما وقر في القلب وصدقه العمل، والإسلام الكامل إسلام القلب والجوارح لله بدينه وشريعته، وقد يوجد- أحيانا- تصديق ولا عمل، وقد يوجد عمل والإيمان الذوقي غير مستقر، وقد يوجد عمل ولا إيمان، ومن ثم يختلف في هذه الصور مفهوم الإيمان عن مفهوم الإسلام، وقد عبر ابن كثير عما ذكرناه تعبيرا لطيفا فقال بمناسبة آيتي سورة الذاريات: (احتج بهذه من ذهب إلى رأي المعتزلة ممن لا يفرق بين مسمى الإيمان والإسلام، لأنه أطلق عليهم المؤمنين والمسلمين، وهذا الاستدلال ضعيف، لأن هؤلاء كانوا قوما مؤمنين، وعندنا أن كل مؤمن مسلم ولا ينعكس، فاتفق الاسمان هاهنا لخصوصية الحال، ولا يلزم ذلك في كل حال).
9 - بمناسبة الكلام عن عاد وهلاكها بالريح العقيم قال ابن كثير: (وقد ثبت في الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «نصرت
بالصبا وأهلكت عاد بالدبور»).
10 - بمناسبة قوله تعالى: وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ نقول: إن من القفزات العلمية الكبيرة في تاريخ العلوم الكونية نظريات أينشتاين اليهودي، الذي طرح- لأول مرة في تاريخ البشرية- نظرية عن سعة الكون لم يسبق إليها، حتى صار بعضهم يطلق كلمة الكون الأينشتايني للتعبير عن الكون الواسع، ومع كلامه عن سعة الكون كان يقول: إن الكون ثابت الأبعاد، ثم كان أن صنعت المجاهر الضخمة

الصفحة 5529