كتاب الأساس في التفسير (اسم الجزء: 11)

البداية للسورة ندرك أن الله عزّ وجل يعطينا في هذه السورة نموذجا على هؤلاء الخاسرين من الرجال والنساء، وأي نموذج؟ عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجة عمه، وفي ذلك ما فيه من التحذير والإنذار، وقطع الطمع والإبعاد عن الأماني.
فمن ربط السورة بمحورها ندرك أن أبا لهب وزوجته هما النموذجان الرجالي والنسائي على الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض، ومن ثم استحقوا إضلال الله عزّ وجل لهم.
ختمت سورة الكافرون بقوله تعالى لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ وجاءت سورة النصر تبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصر على الكافرين، وتأتي سورة المسد لتتحدث عن مآل الكافرين وخسرانهم من خلال الحديث عن شخصية آذت رسول الله صلى الله عليه وسلم هي وزوجها الإيذاء الكثير، وحرصت على رد وصد الناس عن الإسلام، فهي داخلة دخولا أوليا في قوله تعالى قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ* لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ .. ومن ثم فللسورة صلتها الوثيقة بما قبلها، فليس أعداء الله مغلوبين فقط، بل من حارب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها واستمر على ذلك فإنه كذلك معذب عند الله عزّ وجل يوم القيامة وفي الآخرة، وهو نصر ثان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي سورة النصر تسجيل للنصر الدنيوي على الكافرين وفي سورة المسد تسجيل للنصر الأخروي على الكافرين.
إن سورة المسد نزلت في أوائل الدعوة الإسلامية، فإن تأتي في محلها الذي جاءت به متصلة بما قبلها وما بعدها، متصلة بمحورها من سورة البقرة، فهذا وحده إعجاز، وفيه معجزات وفي السورة. فلنبدأ عرض السورة.

الصفحة 6738