كتاب الأساس في التفسير (اسم الجزء: 11)

زالت قدرته، فيلزمكم أن يكون هذا الواحد قد جعل نفسه عاجزا. قلنا: الواحد إذا أوجد مقدور نفسه فقد نفذت قدرته، ومن نفذت قدرته لا يكون عاجزا، وأما الشريك فما نفذت قدرته بل زالت قدرته بسبب قدرة الآخر فكان ذلك تعجيزا).
3 - في تفسير (الصمد) أقوال كثيرة نذكرها لاحتياج السالك إلى الله عزّ وجل لمعرفتها. قال ابن كثير: (وقوله تبارك وتعالى: اللَّهُ الصَّمَدُ قال عكرمة عن ابن عباس يعني: الذي يصمد إليه الخلائق في حوائجهم ومسائلهم، قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: هو السيد الذي قد كمل في سؤدده، والشريف الذي قد كمل في شرفه، والعظيم الذي قد كمل في عظمته، والحليم الذي قد كمل في حلمه، والعليم الذي قد كمل في علمه، والحكيم الذي قد كمل في حكمته، وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد، وهو الله سبحانه هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفء وليس كمثله شئ سبحان الله الواحد القهار، وقال الأعمش عن سفيان عن أبي وائل:
الصَّمَدُ السيد الذي قد انتهى سؤدده، ورواه عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود وقال مالك عن زيد بن أسلم: (الصمد) السيد، وقال الحسن وقتادة: هو الباقي بعد خلقه، وقال الحسن أيضا: (الصمد) الحي القيوم الذي لا زوال له، وقال عكرمة:
(الصمد) الذي لم يخرج منه شئ ولا يطعم، وقال الربيع بن أنس: هو الذي لم يلد ولم يولد، كأنه جعل ما بعده تفسيرا له وهو قوله لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وهو تفسير جيد وقد تقدم الحديث من رواية ابن جرير عن أبي بن كعب في ذلك وهو صريح فيه، وقال ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن المسيب ومجاهد وعبد الله ابن بريدة وعكرمة أيضا وسعيد ابن جبير وعطاء بن أبي رباح وعطية العوفي والضحاك والسدي: (الصمد) الذي لا جوف له. وقال سفيان عن منصور عن مجاهد: (الصمد) المصمت الذي لا جوف له، وقال الشعبي: هو الذي لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب، وقال عبد الله بن بريدة أيضا: (الصمد) نور يتلألأ، روى ذلك كله وحكاه ابن أبي حاتم والبيهقي والطبراني وكذا أبو جعفر بن جرير ساق أكثر ذلك بأسانيده، وروى عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: لا أعلم إلا قد رفعه قال: «الصمد الذي لا جوف له» وهذا غريب جدا والصحيح أنه موقوف على عبد الله بن بريدة.
وقد قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في كتاب (السنة) له بعد إيراده كثيرا من هذه الأقوال في تفسير الصمد: وكل هذه صحيحة وهي صفات ربنا عزّ وجل، هو الذي يصمد إليه في الحوائج، وهو الذي قد انتهى سؤدده، وهو الصمد الذي لا جوف له،

الصفحة 6752