كتاب أشراط الساعة - الوابل

وفد أشفق الصّحابة رضي الله عنهم من قيام السّاعة عليهم، وظهر ذلك جليًّا عندما وصف لهم النّبيّ - صلّى الله عليه وسلم - الدَّجًالَ، كما جاء في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه، قال: ذكر رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - الدَّجَّال ذات غداة، فخفض فيه ورفع، حتّى ظنَّناه في طائفة النخل، فلما رحنا إليه؛ عرف ذلك فينا، فقال: "ما شأنُكُم؟ ". قلنا: يا رسول الله! ذكرتَ الدَّجَّالَ غداة، فخفضتَ فيه ورفعتَ حتّى ظننَّاه في طائفة النخل. فقال: "غيرَ الدَّجال أخوفني عليكُم، إن يخرجْ وأنا فيكم؛ فأنا حجيجه دونَكم، وإن يخرجْ ولستُ فيكم؛ فامرؤ حَجيجُ نفسه، والله خليفتي على كلّ مسلم" (¬١).
وقد ظهر كثيرٌ من أشراط السّاعة، وتحقَّق ما أخبر به المصطفى - صلّى الله عليه وسلم -، فكل يوم يزداد فيه المؤمنون إيمانًا به، وتصديقًا له، إذ يظهر مِن دلائل نبوَّته وآيات صدقِه ما يوجب على المسلمين التمسُّك بهذا الدين الحنيف.
وكيف لا يزدادون إيمانًا وهم يرونَ هذه المغيَّبات الّتي أخبر بها رسول الله - صلّى الله عليه وسلم - تقع كما أخبر؟! فإن كلّ واحدة من هذه الأشراط الّتي تحدث لَمعجزة بيَّنةٌ لنبي هذه الأمة - صلّى الله عليه وسلم -. فالويل ثمّ الويل لأولئك الجاحدين لرسالته، الصادِّين عنها، أو المتشكَّكين فيها.

وتأتي أهمِّيَّةُ هذا البحث في هذا الوقت الّذي أخذ فيه بعض الكتاب المُعاصِرينَ يشكِّك في ظهور ما أخبر ب - صلّى الله عليه وسلم - من المغيَّبات الّتي يجب الإِيمان بها، ومنها أشراط السّاعة، فمنهم مَنْ أنكر بعضها، ومنهم من أوَّلها بتأويلات باطلة!
---------------
(¬١) "صحيح مسلم"، كتاب الفتن وأشراط السّاعة، باب ذكر الدجال، (١٨/ ٦٣ - ٦٥ - مع شرح النووي).

الصفحة 10