كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

الشِّرك عملٌ؛ فإنَّ الصَّلاة عمود الإسلام كما صحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (¬١)، وسائر الشَّرائع كالأطناب والأوتاد ونحوها، وإذا لم يكن للفُسْطاط عمودٌ لم يُنْتَفع بشيءٍ من أجزائه. فقبول (¬٢) سائر الأعمال موقوفٌ على قبول الصلاة، فإذا رُدَّت رُدَّت عليه سائر الأعمال. وقد تقدَّم الدَّليل على ذلك (¬٣).
وأمَّا تركها أحيانًا فقد روى البخاري في "صحيحه" (¬٤)، من حديث بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بكِّرُوا بصلاة العصر؛ فإنَّ مَنْ ترك صلاة العصر فقد حَبِط عملُه" (¬٥).
وقد تكلَّم قومٌ في معنى هذا الحديث، فأَتَوا بما لا حاصل له.
قال المهلَّب (¬٦): معناه: من تركها مضيِّعًا لها، متهاونًا بفضل وقتها، مع قدرته على أدائها حَبِط عمله في الصَّلاة خاصَّة. أي: لا يحصل له أجر المصلِّي في وقتها، ولا يكون له عملٌ ترفعه الملائكة.
---------------
(¬١) تقدَّم تخريجه (ص/١٥، ٧٢).
(¬٢) س: "فنقول".
(¬٣) (ص/٣٩، ٤٥).
(¬٤) حديث (٥٥٣).
(¬٥) الذي في البخاري: قال بريدة: بكِّروا بصلاة العصر؛ فإنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "من ترك .. "، فتبيَّن أنَّ قوله: "بكِّروا بصلاة العصر" من كلام بريدة، لا من كلام النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
(¬٦) ابن أبي صفرة، أحد شرَّاح البخاري. ونقله ابن بطال عنه في شرحه (٢/ ١٧٦).

الصفحة 108