كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)
أنْ يستدين ويتزوَّج؛ لئلَّا ينظر إلى ما لا يحلُّ، فيحبط عمله" (¬١).
وآيات الموازنة في القرآن تدلُّ على هذا؛ فكما أنَّ السيِّئة تَذْهَبُ بحسنةٍ أكبر منها فالحسنة يَحبَطُ أجرُها بسيئةٍ (¬٢) أكبر منها.
فإنْ قيل: فأيُّ فائدةٍ في تخصيص صلاة العصر بكونها محبطة دون غيرها من الصَّلوات؟
قيل: الحديث لم ينف الحُبُوط بغير العصر، إلَّا بمفهوم لَقَبٍ، وهو مفهومٌ ضعيفٌ جدًّا.
و تخصيص (¬٣) العصر بالذِّكر لشرفها من بين الصَّلوات؛ ولهذا كانت هي الصَّلاة الوسطى بنصِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصَّحيح الصَّريح (¬٤). ولهذا
---------------
(¬١) هو من مسائل الفضل بن زياد القطَّان عن الإمام أحمد، كما في بدائع الفوائد للمصنِّف (٤/ ١٤٠٦) قال الفضل: "سمعتُ أبا عبدالله، قيل له: ما تقول في التَّزويج في هذا الزمان؟ فقال: مثل هذا الزَّمان ينبغي للرجل أن يتزوَّج، ليت أنَّ الرجل إذا تزوَّج اليوم ثنتين يفلتُ، ما يأمن أحدُكم أن ينظر النَّظَر فيحبط عمله. قلت له: كيف يصنع؟ من أين يطعمهم؟ فقال: أرزاقهم عليك! أرزاقهم على الله عز وجل".
(¬٢) س: "تحبط أجرها سيئة".
(¬٣) ض: "إذ تخصيص".
(¬٤) يشير إلى ما أخرجه البخاري (٢٩٣١)، ومسلم (٦٢٧)، من حديث عليٍّ رضي الله عنه قال: لَمَّا كان يوم الأحزاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَلَأَ الله بُيُوتهم وقُبورهم نارًا، شغلونا عن الصَّلاة الوسطى ـ صلاة العصر ـ حين غابت الشَّمس". أحد ألفاظ مسلم.