كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

حتى إذا ارتفعت الشَّمس نزل، ثم دعا بمِيْضَأةٍ (¬١) فيها ماء فتوضَّأ، ثم أذَّن بلال بالصَّلاة، فصلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين، ثم صلَّى الغداة.
قالوا: ولو وجب القضاء على الفور لم يفارق منزله حتى يفعلها.
قالوا: ولا يصحُّ الاعتذار عن هذا بأنَّ ذلك المكان كان فيه شيطانٌ، فلم يصلُّوا فيه؛ فإنَّ حضور الشيطان في المكان لا يكون عذرًا في تأخير الواجب.
قال الشَّافعي (¬٢): ولو كان وقت الفائتة يضيق (¬٣) لما أخَّرَه لأجل الشَّيطان، فقد صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يخنق (¬٤) الشَّيطان (¬٥).
قال الشَّافعيُّ: فخَنْقُه الشَّيطانَ في الصَّلاة أبلغ من وادٍ فيه شيطان!
قالوا: ولأنَّها عبادةٌ موقَّتةٌ، فإذا فاتت لم يجب قضاؤها على الفور،
---------------
(¬١) بكسر الميم، مهموز، و يمدُّ و يقصر: المِطْهَرة يتوضّأ منها. كما في: المصباح المنير للفيومي (٢/ ٦٦٣).
(¬٢) الأم (٢/ ١٧١) بنحوه.
(¬٣) ط: "كانت .. "، هـ: " .. تضيق".
(¬٤) ط: "قال - صلى الله عليه وسلم - ... مخنق"!
(¬٥) يشير إلى ما أخرجه البخاري (١٢١٠)، من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنَّ الشيطان عرض لي فشدَّ عليَّ ليقطع الصلاة عليَّ، فأمكنني الله منه، فذعتُّه، ولقد هممت أن أربطه إلى جنب سارية .. " الحديث.
قال النَّضْر بن شميل: "فذَعَتُّه: بالذال، أي: خنقته". وأخرجه مسلم (٥٤١) بنحوه.

الصفحة 119