كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فأخبر - صلى الله عليه وسلم - (¬١) أنَّه أُمِر بقتالهم إلى أنْ يقيموا الصَّلاة، وأنَّ دماءهم وأموالهم إنَّما تحرم بعد الشَّهادتين، وإقام الصَّلاة، وإيتاء الزَّكاة؛ فدماؤُهم وأموالُهم قبل ذلك غير محرَّمة؛ بل هي مباحة.
وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال: لمَّا توفِّي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ارتدَّت (¬٢) العرب، فقال عمرُ: يا أبا بكر، كيف تقاتل العرب؟ فقال
أبو بكرٍ (¬٣): إنَّما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أُمِرْتُ أنْ أقاتل النَّاس حتى يشهدوا أنْ لا إله إلَّا الله، وأنِّي رسول الله، ويقيموا الصَّلاة، ويؤتوا الزكاة". رواه النسائي (¬٤)، وهو حديثٌ صحيحٌ.
وتقييد هذه الأحاديث يبيِّن مقتضى الحديث المطلق الذي احتجُّوا به على ترك القتل، مع أنَّه حجَّةٌ عليهم؛ فإنَّه لم يُثْبِت العِصْمة للدَّم والمال إلَّا بحقِّ الإسلام، والصلاة آكد حقوقه على الإطلاق.
وأمَّا حديث ابن مسعود، وهو: "لا يحلُّ دم امريءٍ مسلمٍ إلَّا
---------------
(¬١) ض: "فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، س: "فأخبر أنَّه".
(¬٢) ط: "ارتدَّ".
(¬٣) "أبوبكر" ليست في س.
(¬٤) حديث (٣٠٩٤). وأخرجه ابن خزيمة (٢٢٤٧)، والحاكم (١/ ٥٤٤)، وغيرهم، من طريق معمر عن الزهري عن أنس رضي الله عنه به. وقد صحَّحه ابن خزيمة والحاكم.

الصفحة 13