كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

فعرَّسوا (¬١) من آخر اللَّيل، فلم يستيقظوا حتى طلعت الشمس، فأمر بلالًا فأذَّن، ثم صلَّى ركعتين". قال ابن عباس: "فما يسرُّني بها الدُّنيا وما فيها". يعني: الرُّخصة.
قال أبو عمر: ذلك عندي ـ والله أعلم ـ لأنَّه كان سببًا (¬٢) إلى أنْ أعْلَمَ أصحابه (¬٣) المبلِّغين عنه إلى سائر أمَّته بأنَّ مراد الله من (¬٤) عباده في الصَّلاة وإنْ كانت مؤقَّتة: أنَّ مَن لم يصلِّها في وقتها يقضيها أبدًا متى ما (¬٥) ذكرها، ناسيًا كان لها، أونائمًا عنها، أومتعمِّدًا لتركها.
ألَا ترى إلى حديث مالكٍ (¬٦) في هذا الباب، عن ابن شهاب عن سعيد ابن المسيب: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَن نسِي الصَّلاة فليصلِّها إذا ذَكَرَها".
والنِّسيان في لسان العرب يكون للتَّرك (¬٧) عمدًا، ويكون ضدَّ الذِّكْر، قال الله تعالى: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة/٦٧]، أي: تركوا طاعة الله والإيمان بما جاء به رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتركهم الله من رحمته. وهذا ممَّا لا
---------------
(¬١) التَّعريس: النُّزول آخر اللَّيل، كما في الاستذكار نفسه (١/ ٢٩٤).
(¬٢) هـ: "شيئًا" تحريف!
(¬٣) س: "الصحابة".
(¬٤) س: "عن".
(¬٥) "ما" ليست في هـ وط.
(¬٦) الموطأ (٢٥). وقد تقدَّم تخريجه (ص/١١٤، ١١٥) موصولًا.
(¬٧) هامش هـ: "بمعنى الترك".

الصفحة 147