كتاب الصلاة - ابن القيم - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 1)

بالرجوع إليهم، وترك الخروج عن سبيلهم يغني عن الدَّليل في ذلك= قولُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَن أدرك ركعةً من العصر قبل أنْ تغرب الشمس فقد أدرك العصر، ومَن أدرك ركعةً من الصبح قبل أنْ تطلع الشمس فقد أدرك الصُّبح" (¬١). ولم يستثن متعمِّدًا من ناسٍ.
ونَقَلَت الكافَّة عنه - صلى الله عليه وسلم - أنَّ من أدرك ركعةً من صلاة العصر قبل الغروب صلَّى تمام صلاته (¬٢) بعد الغروب، وذلك بعد خروج الوقت عند الجميع. ولا فرق بين عمل صلاة العصر كلِّها لمن تعمَّد، أونسي، أوفَرَّط، وبين عمل بعضها في نظرٍ ولا اعتبار.
ودليلٌ آخر، وهو أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصلِّ هو ولا أصحابه يوم الخندق صلاة الظَّهر والعصر حتى غَرَبَت الشَّمس (¬٣)؛ لشغله بما نَصَبه (¬٤) المشركون من الحرب، ولم يكن يومئذ نائمًا ولا ناسيًا، ولا كانت بين المسلمين والمشركين (¬٥) يومئذٍ حربٌ قائمةٌ ملتحمةٌ، وصلَّى يومئذٍ الظهر والعصر في اللَّيل (¬٦).
---------------
(¬١) تقدَّم تخريجه (ص/١٢٩)، وأنَّه في الصَّحيحين.
(¬٢) هـ: "تمام العصر"، ط: "تمام صلاة العصر".
(¬٣) تقدم تخريجه (ص/١١١) وأنه في الصحيحين.
(¬٤) س: "نصب له".
(¬٥) ط: "والكافرين".
(¬٦) ض وهـ وط: "باللَّيل".

الصفحة 152